اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ} (4)

قوله تعالى : { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } جعله ابن مالك من التوكيد مع توسّط حرف العطف ]{[60778]} .

وقال الزمخشريُّ : والتكرير تأكيد للردع ، والرد عليهم ، و «ثُمَّ » دالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول ، وأشد ، كما تقول للمنصوح : أقول لك ثم أقول لك : «لا تَفْعَلْ » انتهى .

ونقل عن علي - رضي الله عنه - : { كَلاَّ سَوْفَ تعلمُون } في الدنيا { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلمُونَ } في الآخرة ، فعلى هذا يكون غير مكرر لحصول التَّغاير بينهما ؛ لأجل تغاير المتعلقين{[60779]} ، و«ثُمَّ » على بابها من المهلة ، وحذف متعلق العلم في الأفعال الثلاثة ؛ لأن الغرض الفعل لا متعلقه .

وقال الزمخشريُّ{[60780]} : والمعنى : سوف تعلمون الخطأ فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول لقاء الله ، انتهى . فقدر له مفعولاً واحداً ، كأنه جعله بمعنى «عَرَفَ » .

فصل في تفسير الآية

قال ابن عباس : { كَلاَّ سَوفَ تَعْلمُونَ } ما ينزل بكم من العذاب في القبور { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلمُونَ } في الآخرة إذا حل بكم العذاب ، فالتَّكرار للحالين{[60781]} .

وروى زر بن حبيش عن عليّ - رضي الله عنه - قال : كنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت هذه السورة{[60782]} ، فأشار إلى أن قوله : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } يعني في القبور .

[ وقيل : { كلا سوف تعلمون } إذا نزل بكم الموت ، وجاءتكم رسل ربكم تنزع أرواحكم ، { ثم كلا سوف تعلمون } في القيامة أنكم معذبون ، وعلى هذا تضمنت أحوال القيامة من بعث ، وحشر ، وعرض ، وسؤال ، إلى غير ذلك من أهوال يوم القيامة ]{[60783]} .

وقال الضحاكُ : { كَلاَّ سَوفَ تَعْلَمُونَ } أيها المؤمنون{[60784]} ، وكذلك كان يقرؤها ، الأولى بالتاء ، والثانية بالياء ، فالأول وعيد ، والثاني وعد .


[60778]:سقط من: ب.
[60779]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/118).
[60780]:ينظر الكشاف 4/792.
[60781]:ينظر القرطبي في "تفسيره" (20/118).
[60782]:سقط من: ب.
[60783]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/679)، عن الضحاك.
[60784]:ينظر: الفخر الرازي 32/75.