في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

ويخوفهم العاقبة والمصير ، في تعبير ملفوف . ولكنه مخيف : ( فارتقب إنهم مرتقبون ) . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

43

المفردات :

ارتقب : انتظر .

التفسير :

{ فارتقب إنهم مرتقبون } .

أي : توقع ما ينزل بالمشركين من الهزيمة والنكال في الدنيا والعذاب في الآخرة ، أنهم يرتقبون موتك ، ويقولون : انتظروا حتى ينزل محمد ما نزل بالشعراء من قبله من الموت .

قال تعالى : { إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } . ( الزمر : 30-31 ) .

وقال تعالى : { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفأين مت فهم الخالدون } . ( الأنبياء : 34 ) .

أي : كل منكم يتربص ماذا سينزل بخصمه ، بيد أن الله وعدك النصر في الدنيا والمثوبة في الآخرة .

قال تعالى : { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز } . ( المجادلة : 21 ) .

وقال عز من قائل : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار } . ( غافر : 51-52 ) .

ختام السورة:

خلاصة ما تضمنته سورة الدخان

1 . بيان بدء نزول القرآن .

2 . وعيد الكافرين بحلول الجدب والقحط .

3 . عدم إيمانهم مع توالي النكبات لهم .

4 . عظة الكافرين بقصص فرعون وقومه مع موسى عليه السلام ، وقد نجى الله المؤمنين وأهلك الكافرين .

5 . إنكار المشركين للبعث .

6 . سوق الأدلة على أن الله تعالى خالق الكون بالحق .

7 . وصف أهوال القيامة .

8 . وصف ما يلاقيه المجرمون من النكال والعذاب .

9 . وصف نعيم المتقين .

10 . النبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله ، يحمل الوحي إلى الناس لعلهم يتذكرون .

11 . الغد فيصل ، حيث يخزي الله الكافرين وينصر المؤمنين .

ثم بحمد الله تفسير سورة الدخان صباح الجمعة 6 من ربيع الأول 1421 ه ، الموافق 9/6/2000 م .

11 من قرأ حم الدخان :

رواه الترمذي في فضائل القرآن ( 2889 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة غفر له ) ، قال أبو عيسى : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، هشام أبو المقدام يضعف ولم يسمع الحسن من أبي هريرة ، هكذا قال أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد . ورواه الترمذي أيضا في فضائل القرآن ( 2888 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ) . قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وعمر بن أبي خثعم يضعف قال محمد : وهو منكر الحديث ، وفي حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي ( 148 ) : هذا الحديث أخرجه الترمذي وليس موضوعا .

2 في ظلال القرآن ، بقلم سيد قطب 24/105 .

3 اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف :

رواه البخاري في الأدب ( 6200 ) وفي الدعوات ( 6393 ) ومسلم في المساجد ( 675 ) وأبو داود في الصلاة ( 1442 ) من حديث أبي هريرة قال : لما رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة قال : ( اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش ابن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف ) .

4 العِهْن : الصوف يصبغ بالدم ، ويشوى ويؤكل لشدة الجوع الذي أصابهم .

5 رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر : رواه البخاري في المغازي ( 4335 ) ، وفي الأدب ( 6059 ) ، وفي الدعوات ( 6336 ) من حديث عبد الله قال : لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة حنين قال رجل من الأنصار : ما أراد بها وجه الله ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فتغير وجهه ثم قال : ( رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) .

6 التفسير الوسيط بإشراف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر .

7 في ظلال القرآن ، بقلم سيد قطب ، الجزء 25 ص 116 ، طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه .

8 تفسير القاسمي ، تحقيق الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت لبنان ، المجلد 6 ص 212 .

9 في ظلال القرآن ، للأستاذ سيد قطب ، طبعة الحلبي ، جزء 25 ص 116 .

10 انظر تفسير القرطبي ، المجلد 7 ص 6156 ، وتفسير ابن كثير وغيرهما .

11 إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا :

رواه مسلم في الجنة ( 2837 ) والترمذي في التفسير ( 3246 ) والدارمي في الرقاق ( 2824 ) وأحمد في مسنده ( 8059 ) من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، فذلك قوله عز وجل : { ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } .

12 يؤتى بالموت على صورة كبش :

رواه البخاري في تفسير القرآن ( 4730 ) والترمذي في تفسير القرآن ( 3156 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح ، فينادى مناد : يا أهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون فيقول : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت ، وكلهم قد رآه ثم ينادي : يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم هذا الموت ، وكلهم قد رآه فيذبح ، ثم يقول : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، ويا أهل النار خلود فلا موت ، ثم قرأ : { وأنذرهم يوم الحسرة إذا قضى الأمر وهم في غفلة } وهؤلاء في غفلة أهل الدنيا { وهم لا يؤمنون } . ورواه ابن ماجة في الزهد ( 4327 ) والدارمي في الرقاق ( 2811 ) وأحمد في مسنده ( 7493 ، 8689 ، 9186 ) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يؤتى بالموت بكبش أغبر فيوقف بين الجنة والنار ، فيقال : يا أهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون ويقال : يا أهل النار ، فيشرئبون وينظرون ويرون أن قد جاء الفرج ، فيذبح ويقال : خلود لا موت ) .

13 لن يدخل أحدا عمله الجنة قالوا ولا أنت :

تقدم تخريجه ، انظر هامش ( 51 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

{ فَارْتَقِبْ } أي : انتظر ما وعدك ربك من الخير والنصر { إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ } ما يحل بهم من العذاب ، وفرق بين الارتقابين : رسول الله وأتباعه يرتقبون الخير في الدينا والآخرة ، وضدهم يرتقبون الشر في الدنيا والآخرة .

تم تفسير سورة الدخان ، ولله الحمد والمنة

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

قوله تعالى : { فارتقب } فانظر النصر من ربك . وقيل : فانتظر لهم العذاب . { إنهم مرتقبون } منتظرون قهرك بزعمهم .

ختام السورة:

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن فنجويه ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ، حدثنا أبو عيسى موسى بن علي الختلي ، حدثنا أبو هاشم الرفاعي ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي خثعم ، عن يحيى بن كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك " .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فارتقب}: انتظر بهم العذاب.

{إنهم مرتقبون} يعني منتظرون بهم العذاب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فارْتَقِبْ إنّهُمْ مُرْتَقِبُونَ"، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فانتظر أنت يا محمد الفتح من ربك، والنصر على هؤلاء المشركين بالله من قومك من قريش، إنهم منتظرون عند أنفسهم قهرك وغلبتك بصدّهم عما أتيتهم به من الحقّ من أراد قبوله واتباعك عليه...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ارتقِب، ولا تكافئهم، ولا تدع عليهم بالهلاك، فإنهم مرتقبون ما ألقى الشيطان في أمنيّتهم بأن مُلكك يزول، وأنه يعود إليهم، والله أعلم...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

فارتقِبْ العواقب تَرَ العجائب. إنهم يرتقبون، ولكن لا يرون إلا ما يكرهون.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{فارتقب} أي فانتظر ما يحل بهم {إنهم مرتقبون} ما يحل بك، متربصون بك الدوائر...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

لما كان مع هذا البيان والوضوح من الناس من كفر وخالف وعاند، قال الله تعالى لرسوله مسليا له وواعدًا له بالنصر، ومتوعدًا لمن كذبه بالعطب والهلاك:

{فَارْتَقِبْ} أي: انتظر {إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} أي: فسيعلمون لمن يكون النصر والظفر وعُلُو الكلمة في الدنيا والآخرة، فإنها لك يا محمد ولإخوانك من النبيين والمرسلين ومن اتبعكم من المؤمنين، كما قال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21].

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

تسبب عن ذلك قوله: {فارتقب} أي ما رجيتك به من تذكرهم المستلزم لهدايتهم. ولما كانوا يظهرون تجلداً ولدداً أنهم لا يعبؤون بشيء من القرآن ولا غيره مما يأتي به ولا يعدون شيئاً منه آية، أخبر عما يبطنون من خوفهم وانتظارهم لجميع ما يهددهم به مؤكداً لأجل ظن من حمل تجلدهم على أنه جلد فقال: {إنهم} وزاد الأمر بالإخبار بالاسم الدال على الثبات والدوام فقال: {مرتقبون} أي تكليفهم أنفسهم المراقبة وإجهادهم أفكارهم في ذلك دائم لا يزايلهم بل قد قطع قلوبهم وملأ صدورهم، فقد انطبق آخر السورة على أولها، بل وعلى المراد من مجملها ومفصلها، بذكر الكتاب والارتقاب لأنواع العذاب -والله الهادي إلى الصواب، إنه الكريم الوهاب...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

إطلاق الارتقاب على حال المعاندين استعارة تهكمية؛ لأن المعنى أنهم لاقُون ذلك لا محالة وقد حسنها اعتبار المشاكلة بين (ارتقب) و {مرتقبون}.

وجملة {إنهم مرتقبون} تعليل للأمر في قوله {فارتقب} أي ارتقب النصر بأنهم لاَقُوا العذاب بالقحط وقد أغنت (إنّ) التّسبُب والتعليل.

وفي هذه الخاتمة ردّ العجز على الصدر إذ كان صدر السورة فيه ذكر إنزال الكتاب المبين، وأنه رحمة من الله بواسطة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وكان في صدرها الإنذار بارتقاب يوم تأتي السماء بدخان مبين وذكر البطشة الكبرى. فكانت خاتمة هذه السورة خاتمة عزيزة المنال اشتملت على حسن براعة المقطع وبديع الإيجاز.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{فَارْتَقِبْ..} يعني: انتظر {إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ} منتظرون، فماذا ينتظر رسول الله؟ وماذا ينتظر الكافرون؟ رسول الله صاحبُ دعوة وهدى، جاء بنور يهدي به هؤلاء القوم، وهم مناهضون لدعوته يُناصبونه العداء، ويريدون أنْ يُطفئوا هذا النور، هو حريصٌ عليهم مُحب لهدايتهم رغم إيذائهم لهم وسخريتهم منه، حتى إنه ليكاد أنْ يهلك نفسه في سبيل دعوته.

لذلك كثيراً ما خاطبه ربه مُسلِّياً له مُخفِّفاً عنه، يخبره {إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ..} [الشورى: 48] {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3].

وقال: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ الظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33] يعني: لا تحزن يا محمد لما يقولونه عنك، لأنهم يحبونك، ويُقدِّرونك ويعلمون صِدْقك ومكانتك، فأنت عندهم أعلى من أن تكذبَ عليهم، ولكن المسألة أنهم يجحدون بآياتي، فالمسألة عندي أنا.

كلمة {فَارْتَقِبْ..} جاءت في هذه السورة مرتين هنا، وفي قوله سبحانه: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان: 10] لما دعا رسول الله عليهم وقال:"اللهم اشْدُدْ وطأتك على مُضر، واجعلها عليهم سنين كسِنيٍ يوسف".

فنزل بهم من القحط والجدب ما نزل حتى أكلوا الجيف والعِلْهز وضجّوا يدعون الله أنْ يكشف عنهم، والله يعلم أنه لو كشف عنهم لَعادوا لما كانوا عليه من التكذيب لرسوله.

لذلك خاطب الله رسوله بقوله: {فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [غافر: 77].

فمعنى {فَارْتَقِبْ..} أي: انتظر ما يحلُّ بهم من العذاب لأنهم يرتقبون ما يُريحهم منك ويُخلِّصهم من دعوتك، لذلك ربنا سبحانه وتعالى يُعلِّم رسوله كيف يجادلهم، فيقول لهم: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ} [التوبة: 52].

يعني: قَلْ لهم يا محمد: أنتم تتربصون بنا إحدى الحسنيين، إما النصر عليكم، وإما أنْ نموت شهداء، فإن انتصرنا عليكم عَلا منهجُ الله وساد، وإنْ متْنَا كنا شهداء أحياء عند ربنا نُرزق.

ونَحن نتربَّص بكم أنْ يُصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، إذن: نحن تربَّصنا بكم بشرٍّ لكم، وأنتم تربصتم بنا بخير لنا.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

لا يستفاد أبداً من الآية أنّ الله سبحانه يأمر نبيّه أن يكف كلياً عن إبلاغهم رسالته، وينهي نشاطه وفعالياته وجهاده، ويكتفي بأنّ يكون منتظراً للنتيجة، وإنّما هو نوع تهديد لأُولئك المتعصبين عسى أن يستيقظوا من سباتهم، وينتبهوا من غفلتهم.

ملاحظات 1 «ارتقب» في الأصل مأخوذة من الرقبة، ولما كان من ينتظر شيئاً يمد رقبته نحوه دائماً، فقد جاءت بمعنى انتظار الشيء ومراقبته. 2

إنّ الآيات أعلاه تبين بوضوح أنّ القرآن الكريم لا يختص بطبقة خاصّة أو قوم معينين، بل هو لإفهام الجميع وتذكيرهم وإثارة تفكرهم، وعلى هذا، فإنّ أُولئك الذين يجعلون القرآن مجموعة من المفاهيم المبهمة الألغاز المحيرة التي لا يفهمها ولا يعلمها إلاّ طبقة خاصّة، بل وحتى هذه الطبقة لا تفهم منه شيئا ولا تدرك أبعاده، غافلون في الحقيقة عن روح القرآن، إنّ القرآن يجب أن يحيا بين الناس ويحضر بينهم حيثما كانوا، في المدينة والقرية، في الخلاء والملأ، في المدارس الابتدائية والجامعات، في المسجد وميادين الحرب، وفي كلّ مكان يوجد فيه إنسان، لأنّ الله سبحانه قد يسَّره ليتذكر الجميع ويقتبسوا من أنواره ما يضيئون به حياتهم، وكذلك قضت هذه الآية ببطلان أفكار أُولئك الذين حبسوا القرآن في إطار طريقة تلاوته وقواعد تجويده وتعقيداتها، وأصبح همهم الوحيد أداء ألفاظه من مخارجها، ومراعاة آداب الوقف والوصل فتقول لهم: إنّ كلّ ذلك من أجل التذكر الذي يكون عامل حركة وباعثاً على العمل في الحياة، فإنّ رعاية ظواهر الألفاظ صحيح في محله؛ إلاّ أنّه ليس الهدف النهائي، بل الهدف هو فهم معاني القرآن لا ألفاظه.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

{ فارتقب } فانتظر الفتح والنصر { إنهم مرتقبون } منتظرون قهرك وهلاكك

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

" فارتقب إنهم مرتقبون " أي انتظر ما وعدتك من النصر عليهم إنهم منتظرون لك الموت . حكاه النقاش . وقيل : انتظر الفتح من ربك إنهم منتظرون بزعمهم قهرك . وقيل : انتظر أن يحكم الله بينك وبينهم فإنهم ينتظرون بك ريب الحدثان . والمعنى متقارب . وقيل : ارتقب ما وعدتك من الثواب فإنهم كالمنتظرين لما وعدتهم من العقاب . وقيل : ارتقب يوم القيامة فإنه يوم الفصل ، وإن لم يعتقدوا وقوع القيامة ، جعلوا كالمرتقبين ؛ لأن عاقبتهم ذلك . والله تعالى أعلم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

{ فارتقب إنهم مرتقبون } أي : ارتقب نصرنا لك وإهلاكهم فإنهم مرتقبون ضد ذلك ، ففيه وعد له ووعيد لهم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ} (59)

فتسبب عن ذلك قوله : { فارتقب } أي ما رجيتك به من تذكرهم المستلزم لهدايتهم .

ولما كانوا يظهرون تجلداً ولدداً أنهم لا يعبؤون بشيء من القرآن ولا غيره مما يأتي به ولا يعدون شيئاً منه آية ، أخبر عما يبطنون من خوفهم وانتظارهم لجميع ما يهددهم به مؤكداً لأجل ظن من حمل تجلدهم على أنه جلد فقال : { إنهم } وزاد الأمر بالإخبار بالاسم الدال على الثبات والدوام فقال : { مرتقبون * } أي تكليفهم أنفسهم المراقبة{[57788]} وإجهادهم أفكارهم في ذلك{[57789]} دائم لا يزايلهم{[57790]} بل قد قطع قلوبهم وملأ صدورهم ، فقد انطبق آخر السورة على أولها ، بل وعلى المراد من مجملها ومفصلها ، بذكر{[57791]} الكتاب والارتقاب لأنواع العذاب - {[57792]}والله الهادي إلى الصواب ، إنه الكريم{[57793]} الوهاب .


[57788]:في م ومد: للرقبة.
[57789]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: وأجلادهم إنكارهم.
[57790]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا يرى لهم.
[57791]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: من ذكر.
[57792]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: والله أعلم بالصواب والهادي إليه أنه هو الملك.
[57793]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: والله أعلم بالصواب والهادي إليه أنه هو الملك.