في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (23)

14

( والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم ) . .

ذلك أنه لا ييأس الإنسان من رحمة الله إلا حين يكفر قلبه ، وينقطع ما بينه وبين ربه . وكذلك هو لا يكفر إلا وقد يئس من اتصال قلبه بالله ، وجفت نداوته ، ولم يعد له إلى رحمة الله سبيل . والعاقبة معروفة : ( وأولئك لهم عذاب أليم ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلََئِكَ يَئِسُواْ مِن رّحْمَتِي وَأُوْلََئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : والذين كفروا حُجَجَ الله ، وأنكروا أدلته ، وجحدوا لقاءه والورود عليه ، يوم تقوم الساعة أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي يقول تعالى ذكره : أولئك يئسوا من رحمتي في الاَخرة لما عاينوا ما أعدّ لهم من العذاب ، وأولئك لهم عذاب مُوجِع .

فإن قال قائل : وكيف اعْترض بهذه الاَيات من قوله وَإنْ تُكَذّبُوا فَقَدْ كَذّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلَكُمْ . . . إلى قوله إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وترك ضمير قوله فَمَا كانَ جَوَابَ قَوْمِهِ وهو من قصة إبراهيم . وقوله إنّ الّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ . . . إلى قوله فابْتَغُوا عِنْدَ اللّهِ الرّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ .

قيل : فعل ذلك كذلك ، لأن الخبر عن أمر نوح وإبراهيم وقومهما ، وسائر مَنْ ذَكَر الله من الرسل والأمم في هذه السورة وغيرها ، إنما هو تذكير من الله تعالى ذكره به الّذِينَ يبتدىء بذكرهم قبل الاعتراض بالخبر ، وتحذير منه لهم أن يحلّ بهم ما حلّ بهم ، فكأنه قيل في هذا الموضع : فاعبدوه واشكروا له إليه ترجعون ، فكذّبتم أنتم معشر قريش رسولكم محمدا ، كما كذّب أولئك إبراهيم ، ثم جَعَل مكان : فكذّبتم : وإن تكذبوا فقد كَذّب أمم من قبلكم ، إذ كان ذلك يدل على الخبر عن تكذيبهم رسولَهم ، ثم عاد إلى الخبر عن إبراهيم وقومه ، وتتميم قصته وقصتهم بقوله فَمَا كانَ جَوَابَ قَوْمِهِ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (23)

بيان لما في قوله { يعذب من يشاء ويرحم من يشاء } [ العنكبوت : 21 ] وإنما عطف لما فيه من زيادة الإخبار بأنهم لا ينالهم الله برحمة وأنه يصيبهم بعذاب أليم .

والكُفر بآيات الله : هو كفرهم بالقرآن . والكفر بلقائه : إنكارُ البعث .

واسم الإشارة يفيد أن ما سيذكره بعده نالهم من أجل ما ذكر قبل اسم الإشارة من أوصاف ، أي أنهم استحقوا اليأس من الرحمة وإصابتهم بالعذاب الأليم لأجل كفرهم بالقرآن وإنكارهم البعث على أسلوب { أولئك على هدى من ربهم } [ البقرة : 5 ] .

وأخبر عن يأسهم من رحمة الله بالفعل المضي تنبيهاً على تحقيق وقوعه . والمعنى : أولئك سييأسون من رحمة الله لا محالة .

والتعبير بالاسم الظاهر في قوله { بآيات الله } دون ضمير التكلم للتنويه بشأن الآيات حيث أضيفت إلى الاسم الجليل لما في الاسم الجليل من التذكير بأنه حقيق بأن لا يُكفر بآياته . والعدول إلى التكلم في قوله { رحمتي } التفات عاد به أسلوب الكلام إلى مقتضى الظاهر ، وإعادة اسم الإشارة لتأكيد التنبيه على استحقاقهم ذلك .