التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (23)

بيان لما في قوله { يعذب من يشاء ويرحم من يشاء } [ العنكبوت : 21 ] وإنما عطف لما فيه من زيادة الإخبار بأنهم لا ينالهم الله برحمة وأنه يصيبهم بعذاب أليم .

والكُفر بآيات الله : هو كفرهم بالقرآن . والكفر بلقائه : إنكارُ البعث .

واسم الإشارة يفيد أن ما سيذكره بعده نالهم من أجل ما ذكر قبل اسم الإشارة من أوصاف ، أي أنهم استحقوا اليأس من الرحمة وإصابتهم بالعذاب الأليم لأجل كفرهم بالقرآن وإنكارهم البعث على أسلوب { أولئك على هدى من ربهم } [ البقرة : 5 ] .

وأخبر عن يأسهم من رحمة الله بالفعل المضي تنبيهاً على تحقيق وقوعه . والمعنى : أولئك سييأسون من رحمة الله لا محالة .

والتعبير بالاسم الظاهر في قوله { بآيات الله } دون ضمير التكلم للتنويه بشأن الآيات حيث أضيفت إلى الاسم الجليل لما في الاسم الجليل من التذكير بأنه حقيق بأن لا يُكفر بآياته . والعدول إلى التكلم في قوله { رحمتي } التفات عاد به أسلوب الكلام إلى مقتضى الظاهر ، وإعادة اسم الإشارة لتأكيد التنبيه على استحقاقهم ذلك .