إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (23)

{ والذين كَفَرُواْ بآيات الله } أي بدلائلِه التَّكوينيةِ والتَّنزيليةِ الدَّالَّةِ على ذاتِه وصفاتِه وأفعالِه فيدخلُ فيها النَّشأةُ الأُولى الدَّالَّة على تحقُّق البعثِ والآياتُ النَّاطقةُ به دُخولاً أولياً . وتخصيصُها بدلائلَ وحدانيتِه تعالى لا يناسبُ المقامَ { وَلِقَائِهِ } الذي تنطقُ به تلك الآياتُ { أولئك } الموصُوفون بما ذُكر مِن الكفر بآياتِه تعالى ولقائِه { يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي } أي ييأسون منها يومَ القيامةِ . وصيغةُ الماضي للدِّلالة على تحقُّقِه أو يئسوا منها في الدُّنيا لإنكارِهم البعثَ والجزاءَ { وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وفي تكرير اسمِ الإشارة وتكريرِ الإسناد وتنكيرِ العذابِ ووصفهِ بالأليمِ من الدِّلالةِ على كمالِ فظاعةِ حالِهم ما لا يخفى ، أي أولئك الموصُوفون بالكفر بآياتِ الله تعالى ولقائِه وباليأس من رحمتِه الممتازون بذلك عن سائر الكَفَرة لهم بسبب تلك الأوصافِ القبيحةِ عذابٌ لا يُقَادر قَدرُه في الشِّدَّةِ والإيلامِ