الرابعة- قوله تعالى : { الذين هم يراؤون } أي يري الناس أنه يصلي طاعة وهو يصلي تقية ، كالفاسق ، يري أنه يصلي عبادة وهو يصلي ليقال : إنه يصلي . وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة ، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس . وأولها تحسين السمت{[16473]} ؛ وهو من أجزاء النبوة ، ويريد بذلك الجاه والثناء . وثانيها : الرياء بالثياب القصار والخشنة ؛ ليأخذ بذلك هيئة الزهد في الدنيا . وثالثها : الرياء بالقول ، بإظهار التسخط على أهل الدنيا ، وإظهار الوعظ والتأسف على ما يفوت من الخير والطاعة . ورابعها : الرياء بإظهار الصلاة والصدقة ، أو بتحسين الصلاة لأجل رؤية الناس ، وذلك يطول ، وهذا دليله ، قاله ابن العربي .
قلت : قد تقدم في سورة " النساء " و " هود " وآخر " الكهف " {[16474]} القول في الرياء وأحكامه وحقيقته بما فيه كفاية . والحمد لله .
الخامسة : ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة ، فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها ، لقوله عليه السلام : " ولا غمة{[16475]} في فرائض الله " ؛ لأنها أعلام الإسلام ، وشعائر الدين ، ولأن تاركها يستحق الذم والمقت ، فوجب إماطة التهمة بالإظهار ، وإن كان تطوعا فحقه أن يخفي ؛ لأنه لا يلام تركه ولا تهمة فيه ، فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان جميلا . وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين ، فتثني عليه بالصلاح . وعن بعضهم أنه رأى رجلا في المسجد قد سجد سجدة الشكر فأطالها ، فقال : ما أحسن هذا لو كان في بيتك . وإنما قال هذا لأنه توسم فيه الرياء والسمعة . وقد مضى هذا المعنى في سورة " البقرة " {[16476]}عند قوله تعالى : { إن تبدوا الصدقات } [ البقرة : 271 ] ، وفي غير موضع . والحمد لله على ذلك .
ولما كان من كان بهذه الصفة لا نظر له لغير الحاضر كالبهائم ، قال دالاًّ على أن المراد بالسهو ههنا تضييعها عند الانفراد بالترك حساً ومعنى ، وعند الاجتماع بالإفساد في المعنى : { الذين هم } أي بجملة سرائرهم { يرآؤن * } أي بصلاتهم وغيرها يرون الناس أنهم يفعلون الخير ليراهم الناس فيروهم الثناء عليهم ، والإحسان إليهم ، ولو بكف ما هم يستحقونه من السيف عنهم ، لا لرجاء الثواب ، ولا لمخوف العقاب من الله سبحانه وتعالى ، ولذلك يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس .
قوله : { الذين هم يراءون } المرائي ، الذي يري الناس أنه يصلي طاعة لله ، وهو في الحقيقة يصلي تقيّة . أو يصلي ليقال : إنه يصلي . والرياء هو ابتغاء ما في الدنيا بالعبادة طلبا للمنزلة بين الناس . ومن مظاهر الرياء : إظهار الصلاة أو الصدقة أو تحسين الصلاة لكي يراه الناس ، فيطروه ويثنوا عليه . أو إظهار الوعظ والتأسف على ما فات من الخير والطاعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.