في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَىٰكُمۡۚ نِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ} (40)

30

ومن تولى وأصر على مقاومة سلطان الله قاتله المسلمون معتمدين على نصرة الله :

( وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم . نعم المولى ونعم النصير ) . .

هذه تكاليف هذا الدين ؛ وهذه هي جديته وواقعيته وإيجابيته وهو يتحرك لتحقيق ذاته في عالم الواقع ؛ ولتقرير ألوهية الله وحده في دنيا الناس . .

إن هذا الدين ليس نظرية يتعلمها الناس في كتاب ؛ للترف الذهني والتكاثر بالعلم والمعرفة ! وليس كذلك عقيدة سلبية يعيش بها الناس بينهم وبين ربهم وكفى ! كما أنه ليس مجرد شعائر تعبدية يؤديها الناس لربهم فيما بينهم وبينه !

إن هذا الدين إعلان عام لتحرير الإنسان . . وهو منهج حركي واقعي ، يواجه واقع الناس بوسائل مكافئة . . يواجه حواجز الإدراك والرؤية بالتبليغ والبيان . . ويواجه حواجز الأوضاع والسلطة بالجهاد المادي لتحطيم سلطان الطواغيت وتقرير سلطان الله . .

والحركة بهذا الدين حركة في واقع بشري . والصراع بينه وبين الجاهلية ليس مجرد صراع نظري يقابلبنظرية ! إن الجاهلية تتمثل في مجتمع ووضع سلطة ، ولا بد - كي يقابلها هذا الدين بوسائل مكافئة - أن يتمثل في مجتمع ووضع وسلطة . ولا بد بعد ذلك أن يجاهد ليكون الدين كله لله ، فلا تكون هناك دينونة لسواه .

هذا هو المنهج الواقعي الحركي الإيجابي لهذا الدين . . لا ما يقوله المهزومون والمخدوعون . . ولو كانوا من المخلصين الطيبين الذين يريدون أن يكونوا من " المسلمين " ، ولكن تغيم في عقولهم وفي قلوبهم صورة هذا الدين !

. . والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . .

انتهى الجزء التاسع

ويليه الجزء العاشر مبدوءاً بقوله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول )