تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (23)

يخبر تعالى من هم الذين زال عنهم الخير ، وحصل لهم الشر ، وأنهم الذين كفروا به وبرسله ، وبما جاءوهم به ، وكذبوا بلقاء اللّه ، فليس عندهم إلا الدنيا ، فلذلك قدموا على ما أقدموا عليه من الشرك والمعاصي ، لأنه ليس في قلوبهم ما يخوفهم من عاقبة ذلك ، ولهذا قال تعالى : { أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي } أي : فلذلك لم يعلموا سببا واحدا يحصلون به الرحمة ، وإلا لو طمعوا في رحمته ، لعملوا لذلك أعمالا ، والإياس من رحمة اللّه من أعظم المحاذير ، وهو نوعان : إياس الكفار منها ، وتركهم جميع سبب يقربهم منها ، وإياس العصاة ، بسبب كثرة جناياتهم أوحشتهم ، فملكت قلوبهم ، فأحدث لها الإياس ، { وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي : مؤلم موجع . وكأن هذه الآيات معترضات بين كلام إبراهيم عليه السلام لقومه ، وردهم عليه ، واللّه أعلم بذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحۡمَتِي وَأُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (23)

بيان لما في قوله { يعذب من يشاء ويرحم من يشاء } [ العنكبوت : 21 ] وإنما عطف لما فيه من زيادة الإخبار بأنهم لا ينالهم الله برحمة وأنه يصيبهم بعذاب أليم .

والكُفر بآيات الله : هو كفرهم بالقرآن . والكفر بلقائه : إنكارُ البعث .

واسم الإشارة يفيد أن ما سيذكره بعده نالهم من أجل ما ذكر قبل اسم الإشارة من أوصاف ، أي أنهم استحقوا اليأس من الرحمة وإصابتهم بالعذاب الأليم لأجل كفرهم بالقرآن وإنكارهم البعث على أسلوب { أولئك على هدى من ربهم } [ البقرة : 5 ] .

وأخبر عن يأسهم من رحمة الله بالفعل المضي تنبيهاً على تحقيق وقوعه . والمعنى : أولئك سييأسون من رحمة الله لا محالة .

والتعبير بالاسم الظاهر في قوله { بآيات الله } دون ضمير التكلم للتنويه بشأن الآيات حيث أضيفت إلى الاسم الجليل لما في الاسم الجليل من التذكير بأنه حقيق بأن لا يُكفر بآياته . والعدول إلى التكلم في قوله { رحمتي } التفات عاد به أسلوب الكلام إلى مقتضى الظاهر ، وإعادة اسم الإشارة لتأكيد التنبيه على استحقاقهم ذلك .