تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَٰرُونَ وَفِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانُواْ سَٰبِقِينَ} (39)

وكذلك قارون ، وفرعون ، وهامان ، حين بعث اللّه إليهم موسى بن عمران ، بالآيات البينات ، والبراهين الساطعات ، فلم ينقادوا ، واستكبروا في الأرض ، [ على عباد اللّه فأذلوهم ، وعلى الحق فردوه فلم يقدروا على النجاء حين نزلت بهم العقوبة ] { وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ } اللّه ، ولا فائتين ، بل سلموا واستسلموا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَٰرُونَ وَفِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانُواْ سَٰبِقِينَ} (39)

نصب { قارون } إما بفعل مضمر تقديره اذكر وإما بالعطف على ما تقدم ، و { قارون } من بني إسرائيل وهو الذي تقدمت قصته في الكنوز وفي البغي على موسى بن عمران عليه السلام ، { وفرعون } مشهور ، و { هامان } وزيره ، وهو من القبط ، و «البينات » المعجزات والآيات الواضحة ، و { سابقين } ، معناه مفلتين من أخذنا وعقابنا ، وقيل معناه { سابقين } أولياءنا ، وقيل معناه { ما كانوا سابقين } الأمم إلى الكفر ، أي قد كانت تلك عادة أمم مع رسل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَٰرُونَ وَفِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانُواْ سَٰبِقِينَ} (39)

كما ضرب الله المثل لقريش بالأمم التي كذبت رسلها فانتقم الله منها ، كذلك ضرب المثل لصناديد قريش مثل أبي جهل ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، وأبي لهب ، بصناديد بعض الأمم السالفة كانوا سبب مصاب أنفسهم ومصاب قومهم الذين اتبعوهم ، إنذاراً لقريش بما عسى أن يصيبهم من جراء تغرير قادتهم بهم وإلقائهم في خطر سوء العاقبة . وهؤلاء الثلاثة جاءهم موسى بالبينات . وتقدمت قصصهم وقصة قارون في سورة القصص .

فأما ما جاء به موسى من البينات لفرعون وهامان فهي المعجزات التي تحداهم بها على صدقه فأعرض فرعون عنها واتبعه هامان وقومه . وأما ما جاء به موسى لقارون فنهيه عن البطر .

وأومأ قوله تعالى { فاستكبروا في الأرض } إلى أنهم كفروا عن عناد وكبرياء لا عن جهل وغلواء كما قال تعالى { وأضله الله على علم } [ الجاثية : 23 ] فكان حالهم كحال صناديد قريش الذين لا يُظن أن فطنتهم لم تبلغ بهم إلى تحقق أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم صدق وأن ما جاء به القرآن حقّ ولكن غلبت الأنفة . وموقع جملة { ولقد جاءهم موسى } كموقع جملة { وقد تبيّن لكم من مساكنهم } [ العنكبوت : 38 ] .

والاستكبار : شدة الكبر ، فالسين والتاء للتأكيد كقوله { وكانوا مستبصرين } [ العنكبوت : 38 ] .

( وتعليق قوله { في الأرض } ب { استكبروا } للإشعار بأن استكبار كل منهم كان في جميع البلاد التي هو منها ، فيومىء ذلك أن كل واحد من هؤلاء كان سيداً مطاعاً في الأرض .

فالتعريف في { الأرض } للعهد ، فيصح أن يكون المعهود هو أرض كل منهم ، أو أن يكون المعهود الكرة الأرضية مبالغة في انتشار استكبار كل منهم في البلاد حتى كأنه يعم الدنيا كلها .

ومعنى السبق في قوله { وما كانوا سابقين } الانفلات من تصريف الحكم فيهم . وقد تقدم في قوله تعالى { ولا تحسبنّ الذين كفروا سبقوا } في سورة [ الأنفال : 59 ] ، فالواو للحال ، أي استكبروا في حال أنهم لم يفدهم استكبارهم .

وإقحام فعل الكون بعد النفي لأن المنفي هو ما حسبوه نتيجة استكبارهم ، أي أنهم لا ينالهم أحد لعظمتهم . ومثل هذا الحال مثل أبي جهل حين قتله ابنا عفراء يوم بدر فقال له عبد الله بن مسعود حين وجده محتضراً : أنت أبو جهل ؟ فقال : وهل أعْمَدُ من رجل قتلتموه لو غيرُ أكَّارٍ قتلني ( أي زراع يعني رجلاً من الأنصار لأن الأنصار أهل حرث وزرع ) .