نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَقَٰرُونَ وَفِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَۖ وَلَقَدۡ جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانُواْ سَٰبِقِينَ} (39)

ولما كان لفرعون ومن ذكر معه من العتو بمكان لا يخفى ، لما أتوا من القوة بالأموال والرجال قال : { وقارون } أي أهلكناه وقومه لأن وقوعه في أسباب الهلاك أعجب ، لكونه من بني إسرائيل ، ولأنه ابتلى بالمال والعلم ، فكان ذلك سبب إعجابه ، فتكبر على موسى وهارون عليهما السلام فكان ذلك سبب هلاكه { وفرعون وهامان } وزيره الذي أوقد له على الطين ، فلا هو نجا ولا كان رأساً في الكفر ، بل باع سعادته بكونه ذنباً لغيره .

ولما كان هلاكهم مع رؤية الآيات أعجب ، فكان جديراً بالإنكار ، إشارة إلى أن رؤية الآيات جديرة بأن يلزم عنها الإيمان قال : { ولقد جاءهم موسى بالبينات } أي التي لم تدع لبساً فتسببوا عما يقتضيه من الاستبصار الاستكبار { فاستكبروا } أي طلبوا أن يكونوا أكبر من كل كبير بأن كانت أفعالهم أفعال من يطلب ذلك { في الأرض } بعد مجيء موسى عليه الصلاة والسلام إليهم أكثر مما كانوا قبله .

ولما كان من يتكبر - وهو عالم بأنه مأخوذ - أشد لوماً ممن يجهل ذلك قال : { وما كانوا } أي الذين ذكروا هذا كلهم ، كوناً ما { سابقين* } أي فائتين ما نريدهم ، بأن يخرجوا من قبضتنا ، بل هم في القبضة كما ذكرنا أول السورة وهم عالمون بذلك