تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{غُلِبَتِ ٱلرُّومُ} (2)

كانت الفرس والروم في ذلك الوقت من أقوى دول الأرض ، وكان يكون بينهما من الحروب والقتال ما يكون بين الدول المتوازنة .

وكانت الفرس مشركين يعبدون النار ، وكانت الروم أهل كتاب ينتسبون إلى التوراة والإنجيل وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس فكان المؤمنون يحبون غلبتهم وظهورهم على الفرس ، وكان المشركون -لاشتراكهم والفرس في الشرك- يحبون ظهور الفرس على الروم .

   
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{غُلِبَتِ ٱلرُّومُ} (2)

وقرأ الجمهور «غُلبت » بضم الغين وقالوا معنى الآية أنه طرأ بمكة أن الملك كسرى هزم جيش ملك الروم قال مجاهد : في الجزيرة وهو موضع بين العراق والشام ، وقال عكرمة : وهي بين بلاد العرب والشام ، وقال مقاتل : بالأردن وفلسطين ، فلما طرأ ذلك سر الكفار فبشر الله عباده بأن الروم { سيغلبون في بضع سنين } وتكون الدولة لهم في الحرب ، وقرأ أبو سعيد الخدري وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن قرة وعبد الله بن عمر «غَلَبت » الروم بفتح الغين واللام ، وتأويل ذلك أن الذي طرأ يوم بدر إنما كان أن الروم غلبت فعز ذلك على كفار قريش وسر المسلمون فبشر الله تعالى عباده بأنهم { سيغلبون } أيضاً { في بضع سنين } ، ذكر هذا التأويل أبو حاتم ، والرواية الأولى والقراءة بضم الغين أصح ، وأجمع الناس على «سيَغلبون » أنه بفتح الياء{[1]} يريد به الروم ، وروي عن ابن عمرو أنه قرأ أيضاً «سيُغلبون » بضم الياء ، وفي هذه القراءة قلب للمعنى الذي تظاهرت الروايات به ، و { أدنى الأرض } معناه أقرب الأرض ، فإن كانت الوقعة في أذرعات فهي من { أدنى الأرض } بالقياس إلى مكة وهي التي ذكر امرؤ القيس في قوله : [ الطويل ]

تنورتها من أذرعات وأهلها . . . بيثرب أدنى دارها نظر عال{[2]}

وإن كانت الوقعة بالجزيرة فهي { أدنى } بالقياس إلى أرض كسرى ، وإن كانت بالأردن فهي { أدنى } إلى أرض الروم ، قال أبو حاتم : وقرىء «أداني الأرض »{[3]} ، وقرأ جمهور الناس «غلَبهم » بفتح اللام كما يقال أحلب حلباً لك شطره{[4]} ، وقرأ ابن عمر بسكونها وهما مصدران بمعنى واحد وأضيف إلى المفعول{[5]} ، وروي في قصص هذه الآية عن ابن عباس وغيره أن الكفار لما فرحوا بمكة بغلب الروم بشر الله نبيه والمؤمنين بأن الروم { سيغلبون في بضع سنين } أي من الثلاثة إلى التسعة على مشهور قول اللغويين . كأنه تبضيع العشرة أي تقطيعها وقال أبو عبيدة : من الثلاث إلى الخمس ، وقوله مردود ، فلما بشرهم بذلك خرج أبو بكر الصديق إلى المسجد فقال لهم : أسركم إن غلبت الروم فإن نبينا أخبرنا عن الله تعالى أنهم { سيغلبون في بضع سنين } فقال له أبي بن خلف وأمية أخوه وقيل أبو سفيان بن حرب تعال يا أبا فصيل يعرضون بكنيته بالبكر{[6]} فلنتناخب ، أي نتراهن ، في ذلك فراهنهم أبو بكر قال قتادة : وذلك قبل أن يحرم القمار وجعل الرهن خمس قلائص ، والأجل ثلاث سنين ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له «إن البضع إلى التسعة ولكن زدهم في الرهن واستزدهم في الأجل »

، ففعل أبو بكر فجعلوا القلائص مائة والأجل تسعة أعوام ، فغلبت الروم في أثناء الأجل ، فروي عن أبي سعيد الخدري أن إيقاع الروم بالفرس كان يوم بدر ، وروي أن ذلك كان يوم الحديبية وأن الخبر بذلك وصل يوم بيعة الرضوان ، روي نحوه عن قتادة ، وفي كلا اليومين كان نصر من الله تعالى للمؤمنين ، وذكر الناس أن سبب سرور المسلمين بغلبة الروم وهمهم أن تغلب وكون المشركين من قريش على ضد ذلك إنما هو أن الروم أهل كتاب كالمسلمين ، والفرس أهل الأوثان أو نحوه من عبادة النار ككفار قريش والعرب .

قال القاضي أبو محمد : ويشبه أن يعلل ذلك بما تقتضيه الفطر من محبة أن يغلب العدو الأصغر لأنه أيسر مؤنة ومتى غلب الأكبر كثر الخوف منه ، فتأمل هذا المعنى مع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجاه من ظهور دينه وشرع الله الذي بعثه به وغلبته على الأمم وإرادة كفار مكة أن يرميه الله بملك يستأصله ويريحهم منه{[7]} . و { سنين } ، يجمع كجمع من يعقل عوضاً من النقص الذي في واحده لأن أصل سنة سنهة أو سنوة ، وكسرت السين منه دلالة على جمعه خارج عن قياسه ونمطه .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.
[5]:- من الآية رقم (7) من سورة آل عمران.
[6]:- رواه الترمذي وصححه، والإمام أحمد ولفظه: (الحمد لله أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني)، وهذا الحديث يرد على القولين معا.
[7]:- رواه الإمام أحمد، والترمذي وصححه، والنسائي، ونص الترمذي: (والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في القرآن مثلها. وإنها السبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته)، وقد يكون هذا الحديث سندا لما اعتاده الناس من قراءة الفاتحة، وقد أخرج أبو الشيخ في الثواب عن عطاء قال: إذا أردت حاجة فاقرأ فاتحة الكتاب حتى تختمها تقض إن شاء الله، نقله الجلال السيوطي. وللغزالي في الانتصار ما نصه: فاستنزل ما عند ربك وخالقك من خير، واستجلب ما تؤمله من هداية وبر، بقراءة السبع المثاني المأمور بقراءتها في كل صلاة، وتكرارها في كل ركعة، وأخبر الصادق المصدوق أن ليس في التوراة ولا في الإنجيل والفرقان مثلها، قال الشيخ زروق: وفيه تنبيه بل تصريح أن يكثر منها لما فيها من الفوائد والذخائر. انتهى.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{غُلِبَتِ ٱلرُّومُ} (2)

قوله { غلبت الروم } خبر مستعمل في لازم فائدته على طريق الكناية ، أي نحن نعلم بأن الروم غُلبت ، فلا يَهْنِكْم ذلك ولا تطاولوا به على رسولنا وأوليائنا فإنّا نعلم أنهم سيَغلبون مَنْ غلبوهم بعد بضع سنين بحيث لا يعد الغلب في مثله غلَباً .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{غُلِبَتِ ٱلرُّومُ} (2)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

وذلك أن أهل فارس غلبوا على الروم {في أدنى الأرض} يعني أرض الأردن وفلسطين...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"غُلِبَتِ الرّومِ فِي أدْنَى الأرْضِ" اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامة قرّاء الأمصار: غُلِبَتِ الرّومُ (بضمّ الغين)، بمعنى: أن فارس غَلَبت الروم. وروي عن ابن عمر وأبي سعيد في ذلك ما: حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن الحسن الجفريّ، عن سليط، قال: سمعت ابن عمر يقرأ «الم غَلَبَتِ الرّومُ» فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، على أيّ شيء غَلَبوا؟ قال: على ريف الشام.

والصواب من القراءة في ذلك عندنا الذي لا يجوز غيره "الم غُلِبَتِ الرّومُ "-بضم الغين-، لإجماع الحجة من القرّاء عليه. فإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: غلبت فارس الروم "فِي أدْنَى الأرْضِ" من أرض الشام إلى أرض فارس.

"وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبهِمْ" يقول: والروم من بعد غلبة فارس إياهم "سَيَغْلِبُونَ" فارس "فِي بِضْعِ سنِينَ لله الأمْرُ مِنْ قَبْلُ" غلبتهم فارس "وَمِنْ بَعْدُ" غلبتهم إياها، يقضي في خلقه ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويظهر من شاء منهم على من أحبّ إظهاره عليه.

"وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ" يقول: ويوم يغلِب الروم فارس يفرح المؤمنون بالله ورسوله بنصر الله إياهم على المشركين، ونُصْرة الروم على فارس.

"يَنْصُرُ اللّهُ" تعالى ذكره "مَنْ يَشاءُ" من خلقه، على من يشاء، وهو نُصرة المؤمنين على المشركين ببدر، "وَهُوَ العَزِيزُ" يقول: والله الشديد في انتقامه من أعدائه، لا يمنعه من ذلك مانع، ولا يحول بينه وبينه حائل "الرّحِيمُ" بمن تاب من خلقه، وراجع طاعته أن يعذّبه...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يذكر أهل التأويل أنه إنما يذكر هذا لأن المشركين كانوا يجادلون المسلمين، وهم بمكة؛ يقولون: إن الروم أهل الكتاب، وقد غلبتهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي أنزل على نبيكم، فستغلبكم كما غلبت فارس الروم. فأنزل الله هذه الآيات: {الم} {غلبت الروم} {في أدنى الأرض} الآية.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

قوله {غُلِبَتِ الرُّومُ}: سُرَّ المسلمون بظفر الروم على العجم -وإن كان الكفر يجمعهم- إلا أن الروم اختصوا بالإيمان ببعض الأنبياء، فشكر الله لهم، وأنزل فيهم الآية.. فكيف بمن يكون سروره لدين الله، وحُزنُه واهتمامه لدين الله؟...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

أثبت سبحانه أن له جميع الأمر وأنه يسرُّ المؤمنين بنصرة من له دين صحيح الأصل، وخذلان أهل العراقة في الباطل والجهل، وجعل ذلك على وجه يفيد نصر المؤمنين على المشركين...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم جاءت النبوءة الصادقة الخاصة بغلبة الروم في بضع سنين...

وقبل أن نتجاوز الحادث إلى ما وراءه في السورة من التوجيهات نحب أن نقف أمام بعض إيحاءاته القوية.

وأول هذه الإيحاءات ذلك الترابط بين الشرك والكفر في كل مكان وزمان أمام دعوة التوحيد والإيمان. ومع أن الدول قديما لم تكن شديدة الاتصال، والأمم لم تكن وثيقة الارتباط كما هو الشأن في عصرنا الحاضر. مع هذا فإن المشركين في مكة كانوا يحسون أن انتصار المشركين في أي مكان على أهل الكتاب هو انتصار لهم؛ وكان المسلمون كذلك يحسون أن هناك ما يربطهم بأهل الكتاب، وكان يسوءهم أن ينتصر المشركون في أي مكان؛ وكانوا يدركون أن دعوتهم وأن قضيتهم ليست في عزلة عما يجري في أنحاء العالم من حولهم، ويؤثر في قضية الكفر والإيمان.

وهذه الحقيقة البارزة هي التي يغفل عنها الكثيرون من أهل زماننا؛ ولا ينتبهون إليها كما انتبه المسلمون والمشركون في عصر رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. منذ حوالي أربعة عشر قرنا. ومن ثم ينحصرون داخل حدود جغرافية أو جنسية؛ ولا يدركون أن القضية في حقيقتها هي قضية الكفر والإيمان؛ وأن المعركة في صميمها هي المعركة بين حزب الله وحزب الشيطان.

وما أحوج المسلمين اليوم في جميع بقاع الأرض أن يدركوا طبيعة المعركة، وحقيقة القضية؛ فلا تلهيهم عنها تلك الأعلام الزائفة التي تتستر بها أحزاب الشرك والكفر، فإنهم لا يحاربون المسلمين إلا على العقيدة، مهما تنوعت العلل والأسباب.

والإيحاء الآخر هو تلك الثقة المطلقة في وعد الله، كما تبدو في قولة أبي بكر -رضي الله عنه- في غير تلعثم ولا تردد، والمشركون يعجبونه من قول صاحبه؛ فما يزيد على أن يقول: صدق. ويراهنونه فيراهن وهو واثق. ثم يتحقق وعد الله، في الأجل الذي حدده: (في بضع سنين).. وهذه الثقة المطلقة على هذا النحو الرائع هي التي ملأت قلوب المسلمين قوة ويقينا وثباتا في وجه العقبات والآلام والمحن، حتى تمت كلمة الله وحق وعد الله. وهي عدة كل ذي عقيدة في الجهاد الشاق الطويل.

والإيحاء الثالث هو في تلك الجملة المعترضة في مساق الخبر، من قول الله سبحانه: (لله الأمر من قبل ومن بعد).. والمسارعة برد الأمر كله لله. في هذا الحادث وفي سواه. وتقرير هذه الحقيقة الكلية، لتكون ميزان الموقف وميزان كل موقف. فالنصر والهزيمة، وظهور الدول ودثورها، وضعفها وقوتها. شأنه شأن سائر ما يقع في هذا الكون من أحداث ومن أحوال، مرده كله إلى الله، يصرفه كيف شاء، وفق حكمته ووفق مراده. وما الأحداث والأحوال إلا آثار لهذه الإرادة المطلقة، التي ليس لأحد عليها من سلطان؛ ولا يدري أحد ما وراءها من الحكمة؛ ولا يعرف مصادرها ومواردها إلا الله. و إذن فالتسليم والاستسلام هو أقصى ما يملكه البشر أمام الأحوال والأحداث التي يجريها الله وفق قدر مرسوم.

(ألم. غلبت الروم في أدنى الأرض. وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين)..

(لله الأمر من قبل ومن بعد)..

(ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله)..

ولقد صدق وعد الله، وفرح المؤمنون بنصر الله.

(ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم)..

فالأمر له من قبل ومن بعد. وهو ينصر من يشاء. لا مقيد لمشيئته سبحانه. والمشيئة التي تريد النتيجة هي ذاتها التي تيسر الأسباب. فلا تعارض بين تعليق النصر بالمشيئة ووجود الأسباب. والنواميس التي تصرف هذا الوجود كله صادرة عن المشيئة الطليقة. وقد أرادت هذه المشيئة أن تكون هناك سنن لا تتخلف؛ وأن تكون هناك نظم لها استقرار وثبات. والنصر والهزيمة أحوال تنشأ عن مؤثرات، وفق تلك السنن التي اقتضتها تلك المشيئة الطليقة.

والعقيدة الإسلامية واضحة ومنطقية في هذا المجال. فهي ترد الأمر كله إلى الله. ولكنها لا تعفي البشر من الأخذ بالأسباب الطبيعية التي من شأنها أن تظهر النتائج إلى عالم الشهادة والواقع. أما أن تتحقق تلك النتائج فعلا أو لا تتحقق فليس داخلا في التكليف، لأن مرد ذلك في النهاية إلى تدبير الله. ولقد ترك الأعرابي ناقته طليقة على باب مسجد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ودخل يصلي قائلا: توكلت على الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اعقلها وتوكل". فالتوكل في العقيدة الإسلامية مقيد بالأخذ بالأسباب، ورد الأمر بعد ذلك إلى الله.

(ينصر من يشاء، وهو العزيز الرحيم)..

فهذا النصر محفوف بظلال القدرة القادرة التي تنشئه وتظهره في عالم الواقع؛ وبظلال الرحمة التي تحقق به مصالح الناس؛ وتجعل منه رحمة للمنصورين والمغلوبين سواء. (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) وصلاح الأرض رحمة للمنتصرين والمهزومين في نهاية المطاف.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

خبر مستعمل في لازم فائدته على طريق الكناية، أي نحن نعلم بأن الروم غُلبت، فلا يَهْنِكْم ذلك ولا تطاولوا به على رسولنا وأوليائنا فإنّا نعلم أنهم سيَغلبون مَنْ غلبوهم بعد بضع سنين بحيث لا يعد الغلب في مثله غلَباً...