تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

{ فَأَهْلَكْنَا أَشَدّ } من هؤلاء { بَطْشًا } أي : قوة وأفعالا وآثارا في الأرض ، { وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ } أي : مضت أمثالهم وأخبارهم ، وبينا لكم منها ما فيه عبرة ومزدجر عن التكذيب والإنكار .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

{ فأهلكنا أشد منهم بطشا } أي من القوم المسرفين لأنه صرف الخطاب عنهم إلى الرسول مخبرا عنهم . { ومضى مثل الأولين } وسلف في القرآن قصتهم العجيبة ، وفيه وعد للرسول ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأولين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

وقوله تعالى : { ومضى مثل الأولين } أي سلف أمرهم وسنتهم ، وصاروا عبرة عابر الدهر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَهۡلَكۡنَآ أَشَدَّ مِنۡهُم بَطۡشٗا وَمَضَىٰ مَثَلُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (8)

فجملة { فأهلكنا أشد منهم بطشاً } تفريع وتسبب عن جملة { وكم أرسلنا من نبيء في الأولين } .

وضمير { أشد منهم } عائد إلى قوم مسرفين الذين تقدم خطابهم فعدل عن استرسال خطابهم إلى توجيهه إلى الرّسول صلى الله عليه وسلم لأن الغرض الأهم من هذا الكلام هو تسلية الرّسول ووعده بالنصر . ويستتبع ذلك التعريضَ بالذين كذبوه فإنهم يبلغهم هذا الكلام كما تقدم .

ويظهر أن تغيير أسلوب الإضمار تبعاً لتغيير المواجهة بالكلام لا ينافي اعتبار الالتفات في الضمير لأن مناط الالتفات هو اتحاد مرجع الضميرين مع تأتِّي الاقتصار على طريقة الإضمار الأولى ، وهل تغيير توجيه الكلام إلا تقوية لمقتضى نقل الإضمار ، ولا تفوت النكتة التي تحصل من الالتفات وهي تجديد نشاط السامع بل تزداد قوة بازدياد مُقتضِياتها .

وكلام « الكشاف » ظاهر في أن نقل الضمير هنا التفات وعلى ذلك قرره شارحوه ، ولكن العلامة التفتزاني قال : ومِثل هذا ليس من الالتفات في شيء اهـ .

ولعله يرى أن اختلاف المواجهة بالكلام الواقع فيه الضّميران طريقة أخرى غير طريقة الالتفات ، وكلام « الكشاف » فيه احتمال ، وخصوصيات البلاغة واسعة الأطراف . والذين هم أشد بطشاً مِن كفار مكّة : هم الذين عُبر عنهم ب { الأوَّلين } ووصفوا بأنهم يستهزئون بمن يأتيهم من نَبيء . وهذا ترتيب بديع في الإيجاز لأن قوله : { فأهلكنا أشد منهم بطشاً } يقتضي كلاماً مطوياً تقديره : فلا نعجز عن إهلاك هؤلاء المسرفين وهم أقل بطشاً .

وهذا في معنى قوله تعالى : { وكأيّن من قريةٍ هي أشد قوةً من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } [ محمد : 13 ] .

والبطش : الإضرار القويّ .

وانتصب { بطشاً } على التمييز لنسبة الأشدّيّة .

و { مثل الأولين } حالهم العجيبة . ومعنى { مضى } : انقرض ، أي ذهبوا عن بكرة أبيهم ، فمُضِيُّ المثَل كناية عن استئصالهم لأن مُضي الأحوال يكون بمضي أصحابها ، فهو في معنى قوله تعالى : { فقُطع دابر القوم الذين ظلموا } [ الأنعام : 45 ] . وذكر { الأولين } إظهار في مقام الإضمار لتقدم قوله : { في الأولين } . ووجه إظهاره أن يكون الإخبار عنهم صريحاً وجارياً مجرَى المثَل .