{ ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم } وهذا منة عظيمة على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى أمته ، حيث أنزل عليهم هذا الذكر الحكيم ، المحكم المتقن ، المفصل للأحكام والحلال والحرام وإخبار الأنبياء الأقدمين ، وما أجرى الله على أيديهم من الآيات البينات والمعجزات الباهرات ، فهذا القرآن يقص علينا كل ما ينفعنا من الأخبار والأحكام ، فيحصل فيها العلم والعبرة وتثبيت الفؤاد ما هو من أعظم رحمة رب العباد .
ثم قال تعالى : { ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } أي : هذا الذي قَصَصْنَاه عليك يا محمد في أمر عيسى ومبدأ ميلاده وكيفية أمره ، هو مما قاله الله تعالى ، وأوحاه إليك ونزله عليك من اللوح المحفوظ ، فلا مرية فيه ولا شك ، كما قال تعالى في سورة مريم : { ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ . مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ مريم : 34 - 35 ] .
تذييل : فإنّ الآياتِ والذكر أعمّ من الذي تُلي هنا ، واسم الإشارة إلى الكلام السابق من قوله تعالى : { إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه } [ آل عمران : 45 ] وتذكير اسم الإشارة لتأويل المشار إليه بالكلام أو بالمذكورِ . وجملة نتلوه حال من اسم الإشارة على حدّ { وهذا بَعْلي شيخاً } [ هود : 72 ] وهو استعمال عربي فصيح وإن خالف في صحة مجيء الحال من اسم الإشارة بعض النحاة .
وقوله : { من الآيات } خبر { ذلك } أيّ إنّ تلاوة ذلك عليك من آيات صدقك في دعوى الرسالة ؛ فإنك لم تكن تعلمَ ذلك ، وهو ذِكر وموعظة للناس ، وهذا أحسن من جعل نتلوه خبراً عن المبتدأ ، ومن وجوه أخرى . والحكيم بمعنى المُحكَم ، أو هو مجاز عقلي أي الحكيم عالمُه أو تاليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.