تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

{ اسْتَكْبَرَ } عن أمر ربه ، واستكبر على آدم { وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } في علم اللّه تعالى .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

سوى إبليس ولم يكن منهم جنسا كان من الجن فخانه طبعه وجبلته أحوج ما كان إليه فاستنكف عن السجود لآدم وخاصم ربه عز وجل فيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

{ إلا إبليس } فإنه { استكبر } عن السجود .

وقوله تعالى : { وكان من الكافرين } يحتمل أن يريد به : وكان من أول أمره من الكافرين في علم الله تعالى ، قاله ابن عباس ، ويحتمل أن يريد : ووجد عند هذه الفعلة من الكافرين ، وعلى القولين فقد حكم الله على إبليس بالكفر ، وأخبر أنه كان عقد قلبه في وقت الامتناع .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

وقع في سورة الحِجْر ( 31 ) { إلا إبليس أبى } وفي هذه السورة { إلا إبليس استكْبَر } فيكون ما في هذه الآية يبين الباعث على الإِباية . ووقعت هنا زيادة { وكانَ مِنَ الكافِرينَ } ، وهو بيان لكون المراد في سورة الحجر ( 31 ) من قوله : { أن يكون مع الساجدين } الإِبَاية من الكون من الساجدين لله ، أي المنزهي الله عن الظلم والجهل .

ووقع في هذه السورة { وكان من الكافرين } ، ومعناه أنه كان كافراً ساعتئذٍ ، أي ساعة إبائه من السجود ولم يكن قبلُ كافراً ، ففعل { كان } الذي وقع في هذا الكلام حكاية لكفره الواقع في ذلك الوقت .

قال الزجّاج : « ( كان ) جَارٍ على باب سائر الأفعال الماضية إلاّ أن فيه إخباراً عن الحَالة فيما مضى ، إذا قلت : كان زيد عالماً ، فقد أنبأتَ عن أن حالته فيما مضى من الدهر هذا ، وإذا قلت : سيكون عالماً فقد أنبأت عن أن حالة ستقع فيما يستقبل ، فهما عبارتان عن الأفعال والأحوال » اهـ .

وقد بدتْ من إبليس نزعة كانت كامنة في جبلته وهي نزعة الكبر والعصيان ، ولم تكن تظهر منه قبل ذلك لأن الملأ الذي كان معهم كانوا على أكمل حسن الخلطة فلم يكن منهم مثير لما سكن في نفسه من طبع الكبر والعصيان . فلما طرأ على ذلك الملأ مخلوق جديد وأُمر أهل الملأ الأعلى بتعظيمه كان ذلك مورِياً زناد الكبر في نفس إبليس فنشأ عنه الكفر بالله وعصيان أمره .

وهذا ناموس خُلُقي جعله الله مبدأ لهذا العالم قبل تعميره ، وهو أن تكون الحوادث والمضائق معيار الأخلاق والفضيلة ، فلا يحكم على نفس بتزكية أو ضدها إلا بعد تجربتها وملاحظة تصرفاتها عند حلول الحوادث بها . وقد مُدح رجل عند عمر بن الخطاب بالخير ، فقال عمر : هل أريتموه الأبيضَ والأصفر ؟ يعني الدراهم والدنانير . وقال الشاعر :

لا تمدحَنَّ امرأً حتّى تُجرّبه *** ولا تذمَّنَّه من قبل تجريب

إن الرجال صناديقُ مقفَّلـة *** وما مفاتيحها غَير التجاريب

ووجه كونه من الكافرين أنه امتنع من طاعة الله امتناع طعن في حكمة الله وعلمه ، وذلك كفر لا محالة ، وليس كامتناع أحد من أداء الفرائض إن لم يجحد أنها حَقّ خلافاً للخوارج وكذلك المعتزلة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِلَّآ إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{إلا إبليس استكبر} حين تكبر عن السجود لآدم عليه السلام.

{وكان من الكافرين} في علم الله عز وجل.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"إلاّ إبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وكانَ مِنَ الكافِرِينَ" غير إبليس، فإنه لم يسجد، استكبر عن السجود له تعظما وتكبرا.

"وكانَ مِنَ الكافِرِينَ": وكان بتعظّمه ذلك، وتكبره على ربه ومعصيته أمره، ممن كفر في علم الله السابق، فجحد ربوبيته، وأنكر ما عليه الإقرار له به من الإذعان بالطاعة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ليعلم أن كل أحد، وإن عظم قدره وجلت منزلته، يحتمل خلاف ما هو فيه وضده، وأنه متى امتحنه بأمر، فترك أمره تكبرا أو استخفافا، خذله ووكله إلى أمره ونفسه، فصار كافرا مخذولا حقيرا، ليكونوا أبدا على حذر وفزع إلى الله عز وجل...

{وكان من الكافرين}... كان بمعنى صار من الكافرين إذ أبى السجود واستكبر، كقوله عز وجل لآدم عليه السلام عليه السلام {فتكونا من الظالمين} [البقرة: 35]

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلاً.

{وَكَانَ مِنَ الكافرين} أريد: وجود كفره ذلك الوقت وإن لم يكن قبله كافراً؛ لأن

(كان) مطلق في جنس الأوقات الماضية، فهو صالح لأيها شئت.

فإن قلت: كيف استثنى إبليس من الملائكة وهو من الجنّ؟ قلت: قد أمر بالسجود معهم فغلبوا عليه في قوله: {فَسَجَدَ الملائكة}...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

أنف من السجود له جهلا بأن السجود له طاعة لله، والأنفة من طاعة الله استكبارا كفر، ولذلك كان من الكافرين باستكباره عن أمر الله تعالى...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

زاد في إيضاح العموم بالاستثناء الذي هو معياره فقال: {إلا إبليس} عبر عنه بهذا الاسم لكونه من الإبلاس: وهو انقطاع الرجاء إشارة إلى أنه في أول خطاب الله له بالإنكار عليه كان على كيفية علم منها تأبد الغضب عليه وتحتم العقوبة له.

ولما عرف بالاستثناء أنه لم يسجد، وكان مبنى السورة على استكبار الكفرة بكونهم في عزة وشقاق، بين أن المانع له من السجود الكبر تنفيراً عنه مقتصراً في شرح الاختصام عليه وعلى ما يتصل به فقال: {استكبر} أي طلب أن يكون أكبر من أن يؤمر بالسجود له وأوجد الكبر على أمر الله، وكان من المستكبرين العريقين في هذا الوصف كما استكبرتم أيها الكفرة على رسولنا، وسنرفع رسولنا صلى الله عليه وسلم كما رفعنا آدم صفينا عليه السلام على من استكبر عن السجود له، ونجعله خليفة هذا الوجود كما جعلنا آدم عليه السلام، وأشرنا إلى ذلك في هذه السورة بافتتاحها بخليفة واختتامها بخليفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر كل من أحوالهما.

ولما كان الفعل الماضي ربما أوهم أنه حدث فيه وصف لم يكن، وكان التقدير: فكفر بذلك، عطفاً عليه بياناً؛ لأنه جبل على الكفر ولم يحدث منه إلا ظهور ذلك للخلق.

{وكان} أي جبلة وطبعاً {من الكافرين} أي عريقاً في وصف الكفر الذي منشأه الكبر على الحق المستلزم للذل للباطل، فالآية من الاحتباك: ذكر فعل الاستكبار أولاً، دليلاً على فعل الكفر ثانياً، ووصف الكفر ثانياً دليلاً على وصف الاستكبار أولاً، وسر ذلك أن ما ذكره أقعد في التحذير بأن من وقع منه كبر جره إلى الكفر...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هل كان إبليس من الملائكة؟ الظاهر أنه لا؛ لأنه لو كان من الملائكة ما عصى. فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وسيجيئ أنه خلق من نار. والمأثور أن الملائكة خلق من نور، ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود، ولم يخص بالذكر الصريح عند الأمر إهمالاً لشأنه بسبب ما كان من عصيانه، إنما عرفنا أن الأمر كان قد وجه إليه من توجيه التوبيخ إليه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

قال الزجّاج: « (كان) جَارٍ على باب سائر الأفعال الماضية؛ إلاّ أن فيه إخباراً عن الحَالة فيما مضى، إذا قلت: كان زيد عالماً، فقد أنبأتَ عن أن حالته فيما مضى من الدهر هذا، وإذا قلت: سيكون عالماً فقد أنبأت عن أن حالة ستقع فيما يستقبل، فهما عبارتان عن الأفعال والأحوال» اهـ.

وقد بدتْ من إبليس نزعة كانت كامنة في جبلته وهي نزعة الكبر والعصيان، ولم تكن تظهر منه قبل ذلك؛ لأن الملأ الذي كان معهم كانوا على أكمل حسن الخلطة فلم يكن منهم مثير لما سكن في نفسه من طبع الكبر والعصيان، فلما طرأ على ذلك الملأ مخلوق جديد، وأُمر أهل الملأ الأعلى بتعظيمه كان ذلك مورِياً زناد الكبر في نفس إبليس فنشأ عنه الكفر بالله وعصيان أمره، وهذا ناموس خُلُقي جعله الله مبدأ لهذا العالم قبل تعميره، وهو أن تكون الحوادث والمضائق معيار الأخلاق والفضيلة، فلا يحكم على نفس بتزكية أو ضدها إلا بعد تجربتها وملاحظة تصرفاتها عند حلول الحوادث بها.

ووجه كونه من الكافرين أنه امتنع من طاعة الله امتناع طعن في حكمة الله وعلمه، وذلك كفر لا محالة...