تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (12)

{ 12 } { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

أي : سخر لكم هذه الأشياء لمنافعكم وأنواع مصالحكم بحيث لا تستغنون عنها أبدا ، فبالليل تسكنون وتنامون وتستريحون ، وبالنهار تنتشرون في معايشكم ومنافع دينكم ودنياكم ، وبالشمس والقمر من الضياء والنور والإشراق ، وإصلاح الأشجار والثمار والنبات ، وتجفيف الرطوبات ، وإزالة البرودة الضارة للأرض ، وللأبدان ، وغير ذلك من الضروريات والحاجيات التابعة لوجود الشمس والقمر .

وفيهما وفي النجوم من الزينة للسماء والهداية في ظلمات البر والبحر ، ومعرفة الأوقات وحساب الأزمنة ما تتنوع دلالاتها وتتصرف آياتها ، ولهذا جمعها في قوله { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي : لمن لهم عقول يستعملونها في التدبر والتفكر فيما هي مهيأة له مستعدة تعقل ما تراه وتسمعه ، لا كنظر الغافلين الذين حظهم من النظر حظ البهائم التي لا عقل لها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (12)

ثم قال{[16350]} تعالى : { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

ينبه تعالى عباده على آياته العظام ، ومننه الجسام ، في تسخيره الليل والنهار يتعاقبان ، والشمس والقمر يدوران ، والنجوم الثوابت والسيارات ، في أرجاء السموات نورا وضياء لمهتدين بها في الظلمات ، وكل منها يسير في فلكه الذي جعله الله تعالى فيه ، يسير بحركة مُقدرة ، لا يزيد عليها ولا ينقص منها ، والجميع تحت قهره وسلطانه وتسخيره وتقديره وتسييره ، كما قال : { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [ الأعراف : 54 ] ؛ ولهذا قال : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي : لدلالات على قدرته الباهرة وسلطانه العظيم ، لقوم يعقلون عن الله ويفهمون حججه .


[16350]:في أ: "وقال".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (12)

{ وسخّر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم } بأن هيأها لمنافعكم . { مُسخّرات بأمره } حال من الجميع أي نفعكم بها حال كونها مسخرات لله تعالى خلقها ودبرها كيف شاء ، أو لما خلقن له بإيجاده وتقديره أو لحكمه ، وفيه إيذان بالجواب عما عسى أن يقال إن المؤثر في تكوين النبات حركات الكواكب وأوضاعها ، فإن ذلك إن سلم فلا ريب في أنها أيضا ممكنة الذات والصفات واقعة على بعض الوجوه المحتملة ، فلا بد لها من موجد مخصص مختار واجب الوجود دفعا للدور والتسلسل ، أو مصدر ميمي جمع لاختلاف الأنواع . وقرأ حفص { والنجوم مسخرات } على الابتداء والخبر فيكون تعميما للحكم بعد تخصيصه ورفع ابن عامر " الشمس والقمر " أيضا . { إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون } جمع الآية ، وذكر العقل لأنها تدل أنواعا من الدلالة ظاهرة لذوي العقول السليمة غير محوجة إلى استيفاء فكر كأحوال النبات .