محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (12)

وقوله تعالى :

[ 12 ] { وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون 12 } .

{ وسخر لكم الليل والنهار } أي لمنامكم ومعاشكم ولعقد الثمار وإنضاجها { والشمس والقمر } لإصلاح ما نيط بهما صلاحه من المكونات { والنجوم } ليهتدى بها في ظلمات البر والبحر . وقوله تعالى : { مسخرات بأمره } حال من الجميع . على معنى جعلها مسخرات . لأن في التسخير معنى ( الجعل ) فصحت على أنه تجريد . أو على أن التسخير لهم نفع خاص .

فمعناه نفعكم حال كونها مسخرات لما خلقت له ، مما هو طريق لنفعكم . ف { سخر } بمعنى ( نفع ) على الاستعارة أو المجاز المرسل . لأن النفع من لوازم التسخير ، أو على أن { مسخرات } مصدر ميمي ، منصوب على أنه مفعول مطلق . وسخرها مسخرات ، على منوال ضربته ضربات أو يجعل قوله : { مسخرات بأمره } بمعنى مستمرة على التسخير بأمره الإيجادي . لأن الإحداث لا يدل على الاستمرار . وقرئ بنصب الليل والنهار وحدهما . ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر . وقرئ : { والنجوم مسخرات } بالرفع مبتدأ وخبر ، وما قبله بالنصب . { إن في ذلك } أي تسخير ما ذكر { لآيات لقوم يعقلون } .