تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلنَّخۡلَ بَاسِقَٰتٖ لَّهَا طَلۡعٞ نَّضِيدٞ} (10)

فإن في النظر في هذه الأشياء { تَبْصِرَةً } يتبصر بها ، من عمى الجهل ، { وَذِكْرَى } يتذكر بها ، ما ينفع في الدين والدنيا ، ويتذكر بها ما أخبر الله به ، وأخبرت به رسله ، وليس ذلك لكل أحد ، بل { لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } إلى الله أي : مقبل عليه بالحب والخوف والرجاء ، وإجابة داعيه ، وأما المكذب والمعرض ، فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون .

وحاصل هذا ، أن ما فيها من الخلق الباهر ، والشدة والقوة ، دليل على كمال قدرة الله تعالى ، وما فيها من الحسن والإتقان ، وبديع الصنعة ، وبديع الخلقة{[816]}  دليل على أن الله أحكم الحاكمين ، وأنه بكل شيء عليم ، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد ، دليل على رحمة الله ، التي وسعت كل شيء ، وجوده ، الذي عم كل حي ، وما فيها من عظم الخلقة ، وبديع النظام ، دليل على أن الله تعالى ، هو الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا ، ولم يكن له كفوًا أحد ، وأنه الذي لا تنبغي العبادة ، والذل [ والحب ] إلا له تعالى .


[816]:- كذا في ب، وفي أ: وعجيب الخلقة.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلنَّخۡلَ بَاسِقَٰتٖ لَّهَا طَلۡعٞ نَّضِيدٞ} (10)

{ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ } أي : طوالا شاهقات . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم : الباسقات الطوال . { لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ } أي : منضود .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلنَّخۡلَ بَاسِقَٰتٖ لَّهَا طَلۡعٞ نَّضِيدٞ} (10)

وقوله : والنّخْلَ باسِقاتٍ يقول : وأنبتنا بالماء الذي أنزلنا من السماء النخل طوالاً ، والباسق : هو الطويل يقال للجبل الطويل : جبل باسق ، كما قال أبو نوفل لابن هُبَيرة :

يا بْنَ الّذِينَ بِفَضْلِهِمْ *** بَسَقَتْ عَلى قَيْسٍ فَزَارَهْ

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : باسِقاتٍ يقول : طوال .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله والنّخْلَ باسِقاتٍ قال : النخل الطوال .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الله بن شدّاد في قوله : والنّخْلَ باسِقاتٍ قال : بُسوقها : طولها في إقامة .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة ، في قوله : والنّخْلَ باسِقاتٍ الباسقات : الطوال .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : باسِقاتٍ قال : الطوال .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة والنّخْلِ باسِقاتٍ قال : بسوقها طولها .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة والنّخْلَ باسِقاتٍ قال : يعني طولها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله والنّخْلَ باسِقاتٍ قال : البسوق : الطول .

وقوله : لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ يقول : لهذا النخل الباسقات طلع وهو الكُفُرّي ، نضيد : يقول : منضود بعضه على بعض متراكب . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ قال : يقول بعضه على بعض .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : نَضِيدٌ قال : المنضّد .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ يقول : بعضه على بعض .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ينضد بعضه على بعض .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلنَّخۡلَ بَاسِقَٰتٖ لَّهَا طَلۡعٞ نَّضِيدٞ} (10)

خص النَخلُ بالذكر مع تناول جنات له لأنه أهم الأشجار عندهم وثمره أكثر أقواتهم ، ولإتباعه بالأوصاف له ولِطلعه مما يثير تذكر بديع قوامه ، وأنيق جماله .

والباسقات : الطويلات في ارتفاع ، أي عاليات فلا يقال : باسق للطويل الممتد على الأرض .

وعن ابن شداد : الباسقات الطويلات مع الاستقامة . ولم أره لأحد من أيمة اللغة . ولعلّ مراده من الاستقامة الامتداد في الارتفاع . وهو بالسين المهملة في لغة جميع العرب عدا بني العنبر من تميم يُبدلون السين صاداً في هذه الكلمة . قال ابن جنيّ : الأصل السين وإنما الصاد بدل منها لاستعلاء القاف . وروى الثعلبي عن قطبة بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح قرأها بالصاد . ومثله في ابن عطية وهو حديث غير معروف . والذي في « صحيح مسلم » وغيره عن قطبة بن مالك مروية بالسين . ومن العجيب أن الزمخشري قال : وفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم باصقات . وانتصب { باسقات } على الحال . والمقصود من ذلك الإيماء إلى بديع خلقته وجمال طلعته استدلالاً وامتناناً .

والطلع : أول ما يظهر من ثمر التمر ، وهو في الكُفُرَى ، أي غلاف العنقود .

والنضيد : المنضود ، أي المصفّف بعضه فوق بعض ما دام في الكُفُرَى فإذا انشق عنه الكُفرى فليس بنضيد . فهو معناه بمعنى مفعول قال تعالى : { وطلح منضود } [ الواقعة : 29 ] .

وزيادة هذه الحال للازدياد من الصفات الناشئة عن بديع الصنعة ومن المنة بمحاسن منظر ما أوتوه .