تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى ٱللَّهِ وَيَسۡتَغۡفِرُونَهُۥۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (74)

ثم دعاهم إلى التوبة عما صدر منهم ، وبين أنه يقبل التوبة عن عباده فقال : { أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ ْ } أي : يرجعون إلى ما يحبه ويرضاه من الإقرار لله بالتوحيد ، وبأن عيسى عبد الله ورسوله ، عما كانوا يقولونه { وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ْ } عن ما صدر منهم { وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ْ } أي : يغفر ذنوب التائبين ، ولو بلغت عنان السماء ، ويرحمهم بقبول توبتهم ، وتبديل سيئاتهم حسنات .

وصدر دعوتهم إلى التوبة بالعرض الذي هو غاية اللطف واللين في قوله : { أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ ْ }

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى ٱللَّهِ وَيَسۡتَغۡفِرُونَهُۥۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (74)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم قال سبحانه يعيبهم: {أفلا يتوبون إلى الله}: أفهلا يتوبون إلى الله، {ويستغفرونه} من الشرك، فإن فعلوا غفر لهم، {والله غفور} لذنوبهم {رحيم} بهم.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

أفلا يرجع هذان الفريقان الكافران، القائل أحدهما: إن الله هو المسيح ابن مريم والآخر القائل: إن الله ثالث ثلاثة، عما قالا من ذلك، ويتوبان بما قالا وقطعا به من كفرهما، ويسألان ربهما المغفرة مما قالا. "والله غفور "لذنوب التائبين من خلقه، المنيبين إلى طاعته بعد معصيتهم، "رحيم" بهم في قبوله توبتهم ومراجعتهم إلى ما يحب مما يكره، فيصفح بذلك من فعلهم عما سلف من إجرامهم قبل ذلك.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ألا يتوبون بعد هذه الشهادة المكرّرة عليهم بالكفر. وهذا الوعيد الشديد مما هم عليه. وفيه تعجب من إصرارهم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم رفق جل وعلا بهم بتحضيضه إياهم على التوبة وطلب المغفرة، ثم وصف نفسه بالغفران والرحمة استجلاباً للتائبين وتأنيساً لهم ليكونوا على ثقة من الانتفاع بتوبتهم.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

" أفلا يتوبون "تقرير وتوبيخ. أي فليتوبوا إليه وليسألوه ستر ذنوبهم، والمراد الكفرة منهم. وإنما خص الكفرة بالذكر لأنهم القائلون بذلك دون المؤمنين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان من شأن العاقل أنه لا يقدم على باطل، فإن وقع ذلك منه وشعر بنوع ضرر يأتي بسببه بادر إلى الإقلاع عنه، تسبب عن هذا الإنذار -بعد بيان العوار- الإنكارُ عليهم في عدم المبادرة إلى التوبة إيضاحاً لأن معنى كفروا: داموا عليه، فقال: {أفلا يتوبون} أي يرجعون بعد هذا الكفر الذي لا أوضح من بطلانه ولا أبين من فساده والوعيد الشديد {إلى الله} أي المتصف بكل وصف جميل {ويستغفرونه} أي يطلبون منه غفران ما أقدموا عليه من العار البين العوار؛ ولما كان التقدير: فالله تواب حكيم، عطف عليه قوله: {والله} ويجوز أن يكون التقدير: والحال أن المستجمع لصفات الكمال أزلاً وأبداً {غفور} أي بليغ المغفرة، يمحو الذنوب فلا يعاقب عليها ولا يعاتب {رحيم} أي بالغ الإكرام لمن أقبل إليه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

لمّا توعّدهم الله أعقب الوعيد بالترغيب في الهداية فقال: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه}. فالتّوبة هي الإقلاع عمّا هو عليه في المستقبل والرجوعُ إلى الاعتقاد الحقّ. والاستغفار طلب مغفرة ما سلف منهم في الماضي والنّدمُ عمّا فرط منهم من سوء الاعتقاد.

وقوله {والله غفور رحيم} تذييل بثناء على الله بأنّه يغفر لمن تاب واستغفر ما سلف منه، لأنّ {غفور رحيم} من أمثلة المبالغة يدلاّن على شدّة الغفران وشدّة الرّحمة، فهو وعد بأنّهم إن تابوا واستغفروه رفَع عنهم العذَابَ برحمته وصفح عمّا سلف منهم بغفرانه.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

(أفلا يتوبون) الاستفهام للدلالة على أمور ثلاثة:

أولها، توبيخهم على ما كان منهم وأنه يستحق التوبة والاستغفار، وثانيها، فيه تعجب من بقائهم على حالهم من الإفك والإصرار عليه من أنه لا يقبله عقل، ولا يذعن له مصدق، بل لا يتصوره متصور. ويدل ثالثا، على تحريضهم على التوبة، أي الرجوع الى الله تعالى وما تقره العقول ولا تنبو عنه الأفهام.