وقوله تعالى : " أفَلا يَتُوبُونَ " : تقدَّم نظيره مراراً ، وأنَّ فيه رأيين : رأيُ الجمهور : تقديمُ حرفِ العطف على الهمزة تقديراً ، ورأيُ أبي القاسِمِ : بقاؤه على حاله وحذفُ جملةٍ معطوفٍ هذا عليها ، والتقديرُ : أيثبُتُونَ على كُفرِهِمْ ، فلا يتُوبُونَ ، والاستفهامُ فيه قولان :
أظهرهما : أنه للتعجب من حالهم : كَيْفَ لا يتوبُونَ ويستغفُرونَ من هذه المقالةِ الشَّنعاء ؟
والثاني : أنه بمعنى الأمر ، وهو رأي ابن زياد الفَرَّاء ؛ كأنه قال : تُوبُوا واسْتَغْفِرُوا من هاتيْنِ المقالتيْنِ ؛ كقوله تعالى : { فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } [ المائدة : 91 ] . وكلامُ ابن عطيَّة{[15]} يُفْهِم أنه للتحضيضِ ، قال : " رَفَقَ جَلَّ وعلا بهمْ بتحضيضهِ إياهُمْ على التوبة وطلب المغفِرَةِ " ، يعني بذلك من حيث المعنى ، وإلاَّ فَفَهْمُ التحضيض من هذا اللفظ غيرُ مُسَلَّم ، وكيف يُعْقَلُ أنَّ حرف العطفِ فصلَ بين الهمزة و " لا " المفهمةِ للتحضيض ؟ [ فإنْ قلت ] :
هذا إنما يُشْكِلُ على قولنا : إنَّ " ألاَ " التحضيضية بسيطةٌ غيرُ مركَّبةٍ ، فلا يُدَّعى فيها الفصلُ بحرفِ العطف ، أما إذا قلنا : إنها همزةُ الاستفهام دَخَلَتْ على " لا " النافيةِ ، وصارَ معناهما التحضيضَ ، فلا يَضُرُّ الفصلُ بحرف العَطْف ؛ لأنه عُهِد في " لا " النافيةِ الداخلِ عليها همزةُ الاستفهام ، فالجواب : أنه لا يجوزُ مطلقاً ؛ لأنَّ ذلك المعنى قد انسلخ وحدثَ معنى آخرُ ، وهو التحضيضُ ؛ فلا يلزم من الجوازِ في الأصْلِ الجوازُ بعد حدوثِ معنى جديد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.