التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى ٱللَّهِ وَيَسۡتَغۡفِرُونَهُۥۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (74)

{ أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

والاستفهام هنا يتضمن حضهم على التوبة والرجوع إلى الحق وتوبيخهم على ما كان منهم من ضلال والتعجيب من استمرارهم على كفرهم وعقائدهم الفاسدة التي لا يقبلها عقل سليم ، ولا تصور قويم .

والفاء للعطاف على مقدر يقتضيه الكلام . أي : أيسمعون ما يسمعون من الحق الذي يزهق باطلهم ومن النذر التي ترقق القلوب لا يحملهم ذلك على التوبة والرجوع إلى الله وطلب مغفرته ، والحال أنه - سبحانه - عظيم المغفرة واسع الرحمة لمن آمن وعمل صالحا .

إن إصرارهم على كفرهم بعد تفنيده وإبطاله ، وبعد تحذيرهم من سوء عاقبة الكافرين ليلد على أنهم قوم اضلون خاسرون يستحقون أن يكونوا محل عجب الناس وإهمالهم .

قال أبو السعود : وقوله { والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } جملة حالية من فاعل { وَيَسْتَغْفِرُونَهُ } مؤكدة للإِنكار والتعجيب من إصرارهم على الكفر وعدم مسارعتهم إلى الاستغفار .

أي : والحال أن الله : - تعالى - مبالغ في المغفرة . فيغفر لهم عند استغفارهم ويمنحهم من فضله .

وقال ابن كثير : هذا من كرمه - تعالى - وجوده ولطفه ورحمته بخلقه . مع هذا الذنب العظيم ، وهذا الافتراء والكذب والإِفك ، يدعوهم إلى التوبة والمغفرة . فكل من تاب إليه تاب عليه . كما قال { والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } فيغفر لهؤلاء إن تاوبا ولغيرهم .