في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

( أو يوبقهن بما كسبوا ) . .

فيحطمهن أو يغرقهن بما كسب الناس من ذنب ومعصية ومخالفة عن الإيمان الذي تدين به الخلائق كلها ، فيما عدا بعض بني الإنسان !

( ويعف عن كثير ) . .

فلا يؤاخذ الناس بكل ما يصدر منهم من آثام ، بل يسمح ويعفو ويتجاوز منها عن كثير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

أوبقت الرجل إذا أنشبته في أمر يهلك فيه ، فالإيباق في السفن هو تغريقها ، والضمير في : { كسبوا } هو لركابها من البشر ، أي بذنوب البشر . ثم ذكر تعالى ثانية : { ويعف عن كثير } مبالغة وإيضاحاً .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{أو يوبقهن}: وإن يشأ يهلكهن، يعني السفن.

{بما كسبوا}، يعني بما عملوا من الشرك.

{ويعف}، يعني يتجاوز.

{عن كثير} من الذنوب، فينجيهم من الغرق والهلكة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: أو يوبقْ هذه الجواري في البحر بما كسبت ركبانها من الذنوب، واجترموا من الآثام... ويعني بقوله:"أَوْ يُوبِقْهُنّ" أو يهلكهنّ بالغرق... عن السديّ "أو يُوبِقْهُنّ "قال: يغرقهن بما كسبوا...

وقوله: "وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ" يقول: ويصفح تعالى ذكره عن كثير من ذنوبكم فلا يعاقب عليها.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

أوبقت الرجل إذا أنشبته في أمر يهلك فيه، فالإيباق في السفن هو تغريقها، والضمير في: {كسبوا} هو لركابها من البشر، أي بذنوب البشر. ثم ذكر تعالى ثانية: {ويعف عن كثير} مبالغة وإيضاحاً.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

المعنى أنه تعالى إن شاء ابتلى المسافرين في البحر بإحدى بليتين: إما أن يسكن الريح فتركد الجواري على متن البحر وتقف، وإما أن يرسل الرياح عاصفة فيها فيهلكن بسبب الإغراق، وعلى هذا التقدير فقوله {أو يوبقهن} معطوف على قوله {يسكن} لأن التقدير إن يشأ يسكن الريح فيركدن، أو يعصفها فيغرقن بعصفها.

{ويعفو عن كثير} معناه إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا عن طريق العفو عنهم، فإن قيل فما معنى إدخال العفو في حكم الإيباق حيث جعل مجزوما مثله، قلنا معناه إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم. وأما من قرأ {ويعفو} فقد استأنف الكلام.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما نبه بهذا الاعتراض بين الجزاء ومعطوفه على ما فيه من دقائق المعاني في جلائل المباني، قال مكملاً لما في ذلك من الترغيب في صورة الترهيب: {أو} أي أو أن يشاء في كل وقت أراده، واسند الإيباق إلى الجواري تأكيداً لإرادة العموم في هلاك الركاب فقال: {يوبقهن} أي يهلكهن بالإغراق بإرسال الريح وغير ذلك من التباريح حتى كأنهن بعد ذلك العلو في وقبه أي حفره، وطاق في الماء وقعره، وقد تقدم تحقيق معنى "وبق "بجميع تقاليبه في سورة الكهف، ومنه أن وبق كوعد ووجل وورث وبوقاً وموبقاً: هلك، والموبق كمجلس: المهلك وكل شيء حال بين شيئين لأن الوقبة تحول بين ما فيها وبين غيره، ومنه قيل للموعد: موبق، وأوبقه: حبسه أو أهلكه.

ولما كان الإهلاك لهن إهلاكاً للركاب، قال مبيناً أنهم المقصودون مجرداً الفعل إشارة إلى أن ابن آدم لما طبع عليه من النقائص ليس له من نفسه فعل خال عن شوب نقص حثاً له على اللجوء إلى الله في تهذيب نفسه وإخلاص فعله: {بما كسبوا} أي فعلوا من المعاصي بجدهم فيه واجتهادهم.

ولما كان التقدير تفصيلاً للإيباق: فيغرق كل من فيهن إن شاء ويغرق كثيراً منهم إن شاء عطف عليه قوله: {ويعف} أي إن يشاء {عن كثير} أي من الناس الذين في هذه السفن الموبقة، فينجيهم بعوم أو حمل على خشبة أو غير ذلك، وإن يشأ يرسل الريح طيبة فينجيها ويبلغها أقصى المراد إلى غير ذلك من التقادير الداخلة تحت المشيئة، فالفعل كما ترى عطف على يوبق، وعطف بالواو لأنه قسم من حالي الموبقة، وهو بمعنى ما روى عن أهل المدينة من نصب "يعفو" بتقدير "إن" ليكون المعنى: يوقع إيباقاً وعفواً.