تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ} (16)

وأما ما يصنع بالسماء ، فإنها تضطرب وتمور وتتشقق ويتغير لونها ، وتهي بعد تلك الصلابة والقوة العظيمة ، وما ذاك إلا لأمر عظيم أزعجها ، وكرب جسيم هائل أوهاها وأضعفها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ} (16)

13

ولا يقتصر الهول على حمل الأرض والجبال ودكها دكة واحدة ، فالسماء في هذا اليوم الهائل ليست بناجية :

( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) . .

ونحن لا ندري على وجه التحقيق ما السماء المقصودة بهذا اللفظ في القرآن . ولكن هذا النص والنصوص الأخرى التي تشير إلى الأحداث الكونية في ذلك اليوم العظيم كلها تشير إلى انفراط عقد هذا الكون المنظور ، واختلال روابطه وضوابطه التي تمسك به في هذا النظام البديع الدقيق ، وتناثر أجزائه بعد انفلاتها من قيد الناموس . .

ولعله من المصادفات الغريبة أن يتنبأ الآن علماء الفلك بشيء يشبه هذا تكون فيه نهاية العالم ، استنباطا من ملاحظتهم العلمية البحتة ، وحسب القليل الذي عرفوه من طبيعة هذا الكون وقصته كما افترضوها . .

فأما نحن فنكاد نشهد هذه المشاهد المذهلة ، من خلال النصوص القرآنية الجازمة ؛ وهي نصوص مجملة توحي بشيء عام ؛ ونحن نقف عند إيحاء هذه النصوص ، فهي عندنا الخبر الوحيد المستيقن عن هذا الشأن ، لأنها صادرة من صاحب الشأن ، الذي خلق ، والذي يعلم ما خلق علم اليقين . نكاد نشهد الأرض وهي تحمل بجبالها بكتلتها هذه ، الضخمة بالقياس إلينا ، الصغيرة كالهباءة بالقياس إلى الكون ، فتدك دكة واحدة ؛ ونكاد نشهد السماء وهي مشققة واهية والكواكب وهي متناثرة منكدرة . . كل ذلك من خلال النصوص القرآنية الحية ، المشخصة المشاهد بكامل قوتها كأنها حاضرة . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ} (16)

وانشقت السماء لنزول الملائكة فهي يومئذ واهية ضعيفة مسترخية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ} (16)

وانشقاق السماء هو تفطيرها وتمييز بعضها عن بعض وذلك هو الوهي الذي ينالها كما يقال في الجدارات البالية المتشققة واهية ، { والملك } اسم الجنس يريد به الملائكة ، وقال جمهور المفسرين : الضمير في { أرجائها } عائد على { السماء } أي الملائكة على نواحيها وما لم بَهِ{[11287]} منها .


[11287]:"لم به" مثل "ألم به" فالمعنى فيهما: أتاه فنزل به. "راجع كتب اللغة والمعاجم".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ} (16)

وفعل { انشقت السماء } يجوز أن يكون معطوفاً على جملة { نفخ في الصور } فيكون ملحقاً بشرط ( إذا ) ، وتأخيرُ عطفه لأجل ما اتصل بهذا الانشقاق من وصف الملائكة المحيطين بها ، ومن ذكر العرش الذي يحيط بالسماوات وذكر حملته .

ويجوز أن يكون جملة في موضع الحال بتقدير : وقد انشقت السماء .

وانشقاق السماء : مطاوعتها لِفعل الشق ، والشقُّ : فتح منافذ في محيطها ، قال تعالى : { ويوم تشقق السماء بالغمام ونزّل الملائكة تنزيلاً المُلكُ يومئذٍ الحقُ للرحمان وكان يوماً على الكافرين عسيراً } [ الفرقان : 25 ، 26 ] .

ثم يحتمل أنه غير الذي في قوله تعالى : { فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان } [ الرحمن : 37 ] ويحتمل أنه عينه .

وحقيقة { واهية } ضعيفة ومتفرقة ، ويستعار الوهي للسهولة وعدم الممانعة ، يقال : وهَى عزمه ، إذا تسامح وتساهل ، وفي المثل « أوهى من بيت العنكبوت » يضرب لعدم نهوض الحجة .

وتقييده ب { يومئذٍ } أن الوهي طرا عليها بعد أن كانت صلبة بتماسك أجزائها وهو المعبر عنه في القرآن بالرتق كما عبر عن الشق بالفتق ، أي فهي يومئذٍ مطروقة مسلوكة .

والوهي : قريب من الوهن ، والأكثر أن الوهْي يوصف به الأشياء غير العاقلة ، والوهن يوصف به الناس .

والمعنى : أن الملائكة يترددون إليها صعوداً ونزولاً خلافاً لحالها مِن قبلُ قال تعالى : { فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان } [ الرحمن : 37 ] .