تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ بَشَّرۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡقَٰنِطِينَ} (55)

{ قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ } الذي لا شك فيه لأن الله على كل شيء قدير ، وأنتم بالخصوص -يا أهل هذا البيت- رحمة الله وبركاته عليكم فلا يستغرب فضل الله وإحسانه إليكم .

{ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ } الذين يستبعدون وجود الخير ، بل لا تزال راجيا لفضل الله وإحسانه ، وبره وامتنانه ، فأجابهم إبراهيم بقوله :

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ بَشَّرۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡقَٰنِطِينَ} (55)

49

فرده الملائكة إلى اليقين :

( قالوا : بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين ) . .

أي من اليائسين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالُواْ بَشَّرۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡقَٰنِطِينَ} (55)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ بَشّرْنَاكَ بِالْحَقّ فَلاَ تَكُن مّنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رّحْمَةِ رَبّهِ إِلاّ الضّآلّونَ } .

يقول تعالى ذكره : قال ضيف إبراهيم له : بشرناك بحقّ يقين ، وعلم منّا بأن الله قد وهب لك غلاما عليما ، فلا تكن من الذين يقنطون من فضل الله فييأسون منه ، ولكن أبشر بما بشرناك به وأقبل البُشرى .

واختلفت القرّاء قوله : مِنَ القانِطِينَ فقرأته عامّة قراء الأمصار : مِنَ القانِطِينَ بالألف . وذكر عن يحيى بن وثاب أنه كان يقرأ ذلك : «القَنِطِينَ » .

والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار ، لإجماع الحجة على ذلك وشذوذ ما خالفه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ بَشَّرۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡقَٰنِطِينَ} (55)

نهوه عن استبعاد ذلك بأنه استبعاد رحمة القدير بعد أن علم أن المبشّرين بها مرسلون إليه من الله فاستبعاد ذلك يفضي إلى القنوط من رحمة الله فقالوا : { فلا تكن من القانطين } . ذلك أنه لما استبعد ذلك استبعاد المتعجب من حصوله كان ذلك أثَراً من آثار رسوخ الأمور المعتادة في نفسه بحيث لم يقلعه منها الخبر الذي يعلم صدقه فبقي في نفسه بقية من التردّد في حصول ذلك فقاربتْ حاله تلك حال الذين يَيأسون من أمر الله . ولما كان إبراهيم عليه السلام منزّهاً عن القنوط من رحمة الله جاءوا في موعظته بطريقة الأدب المناسب فنهوه عن أن يكون من زمرة القانطين تحذيراً له مما يدخله في تلك الزمرة ، ولم يفرضوا أن يكون هو قانطاً لرفعة مقام نبوءته عن ذلك . وهو في هذا المقام كحاله في مقام ما حكاه الله عنه من قوله : { أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } [ سورة البقرة : 260 ] .

وهذا النّهي كقول الله تعالى لنوح عليه السلام { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } [ سورة هود : 46 ] .

وقد ذكرته الموعظة مقاماً نسيه فقال : { ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون } . وهو استفهام إنكار في معنى النفي ، ولذلك استثنى منه { إلا الضالون } . يعني أنه لم يذهب عنه اجتناب القنوط من رحمة الله ، ولكنه امتلكه المعتاد فتعجب فصار ذلك كالذهول عن المعلوم فلما نبّهه الملائكة أدنى تنبيه تذكّر .