تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالُواْ بَشَّرۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡقَٰنِطِينَ} (55)

الآية 55 : وقوله تعالى : { قالوا بشرناك بالحق } أي بما هو كائن ، لا محالة ، والواجب على كل من أنعم عليه أن يشتغل بالشكر للنعم ، لا يستكشف عن الوجوه التي أنعم والأحوال التي يكون عليها .

ثم في البشارة بالولد بشارتان : إحداهما{[9910]} : بشارة بالغلام ، والثانية{[9911]} : بالبقاء والبلوغ إلى وقت العلم حين {[9912]} قالوا { إنا نبشرك بغلام عليم } وهو ما قال في آية أخرى : { ويكلم الناس في المهد وكهلا } ( آل عمران : 46 ) ففي قوله : { وكهلا } دلالة وبشارة أنه يبقى إلى أن يصير كهلا ، وألا الكهل يضعف .

وقوله تعالى : { فلا تكن من القانطين } قد ذكرنا أن الأنبياء قد نهوا عن أشياء ، قد عُصموا عنها ما لا يحتمل أن يكون منهم ما نهوا عنه نحو قوله : { فلا تكونن من الممترين } ( البقرة : 147 و . . . . . . . . . . ) ( وقوله ){[9913]} : { ولا تكونن من المشركين } ( الأنعام : 14 و . . . . . . . . . ) وقوله : { فإنك إذا من الظالمين } ) {[9914]} ( يونس : 106 ) ( وقوله : { ولا تكن مع ) {[9915]} الكافرين } ( هود : 42 ) وأمثاله . وذلك مما لا يتوهم كونه منهم . وذلك لما ذكرنا أن العصمة لا ترفع المحنة ، لأنها لو رفعت لذهبت فائدة العصمة لأنه إنما يحتاج إليها عند المحنة . فأما إذا لم تكن محنة فلا حاجة {[9916]} إليها .

فعلى ذلك إبراهيم لم يكن قنط من رحمة ربه ، إذ {[9917]} لا يهب له الولد في كبره ، ولكن ما ذكرنا .


[9910]:في الأصل وم: أحدهما.
[9911]:في الأصل وم: والثاني.
[9912]:في الأصل وم: حيث.
[9913]:ساقطة من الأصل وم.
[9914]:ساقطة من الأصل وم.
[9915]:ساقطة من الأصل وم.
[9916]:في الأصل وم: تقع.
[9917]:في م: أنه.