وقوله : فالْتَقَمَهُ الحُوتُ يقول : فابتلعه الحوت وهو افتعل من اللّقْم . وقوله : وَهُوَ مُلِيمُ يقول : وهو مكتسب اللوم ، يقال : قد ألام الرجل ، إذا أتى ما يُلام عليه من الأمر وإن لم يُلَم ، كما يقال : أصبحتَ مُحْمِقا مُعْطِشا : أي عندك الحمق والعطش ومنه قول لبيد :
سَفَها عَذَلْتَ ولُمْتَ غيرَ مُلِيمِ *** وَهَداكَ قَبلَ اليوْمِ غيرُ حَكِيم
فأما الملوم فهو الذي يُلام باللسان ، ويعذل بالقول . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثني أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَهُوَ مُلِيمٌ قال : مذنب .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَهُوَ مُلِيمٌ : أي في صنعه .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَهُوَ مُلِيمٌ قال : وهو مذنب ، قال : والمليم : المذنب .
و «المليم » الذي أتى ما يلام عليه ، ألام الرجل دخل في اللوم ، وبذلك فسر مجاهد وابن زيد ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]
وكم من مليم لم يصب بملامة . . . ومتبع بالذنب ليس له ذنب
ومنه قول لبيد بن ربيعة : [ الكامل ]
سفهاً عذْلتَ ولمت غير مليم . . . وهداك قبل اليوم غير حكيم{[9890]}
ثم استنقذه الله من بطن الحوت بعد مدة واختلف الناس فيها ، فقالت فرقة بعد ساعة من النهار ، وقالت فرقة بعد سبع ساعات ، وقال مقاتل بن حيان بعد ثلاثة أيام ، وقال عطاء بن أبي رباح بعد سبعة أيام ، وقالت فرقة بعد أربعة عشر يوماً ، وقال أبو مالك والسدي بعد أربعين يوماً ، وهو قول ابن جريج أنه بلغه وجعل تعالى علة استنقاذه مع القدر السابق تسبيحه ، واختلف الناس في ذلك فقال ابن جريج هو قوله في بطن الحوت سبحان الله ، وقالت فرقة بل التسبيح وصلاة التطوع ، واختلفت هذه الفرقة ، فقال قتادة وابن عباس وأبو العالية صلاته في وقت الرخاء نفعته في وقت الشدة ، وقال هذا جماعة من العلماء ، وقال الضحاك بن قيس{[9890]} على منبره اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة إن يونس كان عبداً لله ذاكراً فلما أصابته الشدة نفعه ذلك .
الالتقام : البلْع . والحوت الذي التقمه : حوتٌ عظيم يبتلع الأشياء ولا يعضّ بأسنانه ويقال : إنه الحوت الذي يسمّى ( بَالَيْن ) بالافرنجية .
والمُليم : اسم فاعل من ألام ، إذا فعل ما يلومه عليه الناس لأنه جعلهم لائمين فهو ألاَمَهم على نفسه .
وكان غرقه في البحر المسمّى بحر الروم وهو الذي نسميه البحر الأبيضَ المتوسط ، ولم يكن بنهرِ دجلة كما غلط فيه بعض المفسرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.