روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَٱلۡتَقَمَهُ ٱلۡحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٞ} (142)

{ فالتقمه الحوت } أي ابتلعه من اللقمة ، وفي خبر أخرجه أحمد . وغيره عن ابن مسعود أنه أتى قوماً في سفينة فحملوه وعرفوه فلما دخلها ركدت والسفن تسير يميناً وشمالا فقال : ما بال سفينتكم ؟ قالوا : ما ندري قال : ولكني أدري إن فيها عبداً آبق من ربه وإنها والله لا تسير حتى تلقوه قالوا : أما أنت والله يا نبي الله فلا نلقيك فقال لهم : اقترعوا فمن قرع فليلق فاقترعوا ثلاث مرات وفي كل مرة تقع القرعة عليه فرمى بنفسه فكان ما قص الله تعالى . وكيفية اقتراعهم على ما في البحر عن ابن مسعود أنهم أخذوا لكل سهماً على أن من طفا سهمه فهو ومن غرق سهمه فليس إياه فطفا سهم يونس . وروي أنه لما وقف على شفير السفينة ليرمي بنفسه رأى حوتاً واسمه على ما أخرج ابن أبي حاتم وجماعة عن قتادة نجم قد رفع رأسه من المار قدر ثلاثة أذرع يرقبه ويترصده فذهب إلى ركن آخر فاستقبله الحوت فانتقل إلى آخر فوجده وهكذا حتى استدار بالسفينة فلما رأى ذلك عرف أنه أمر من الله تعالى فطرح نفسه فأخذه أن يصل إلى الماء { وَهُوَ مُلِيمٌ } أي داخل في الملامة على أن بناء افعل للدخول في الشيء نحو أحرم إذا دخل الحرم أو آت بما يلام عليه على أن الهمزة فيه للصيرورة نحو أغد البعير أي صار ذا غدة فهو هنا لما أتى بما يستحق اللوم عليه صار ذا لوم أو مليم نفسه على أن الهمزة فيه للتعدية نحو أقدمته والمفعول محذوف ، وما روي عن ابن عباس . ومجاهد من تفسيره بالمسيء والمذنب فبيان لحاصل المعنى وحسنات الأبرار سيئات المقربين . وقرئ { مُلِيمٌ } بفتح أوله اسم مفعول وقياسه ملوم لأنه واوي يقال لمته ألومه لوماً لكنه جيء به على ليم كما قالوا مشيب ومدعى في مشوب ومدعو بناء على شيب ودعى وذلك أنه لما قلبت الواو ياء في المجهول جعل كالأصل فحمل الوصف عليه .