تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَا لَكُمۡ لَا تَنطِقُونَ} (92)

َ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ } أي : فكيف يليق أن تعبد ، وهي أنقص من الحيوانات ، التي تأكل أو تكلم ؟ فهذه جماد لا تأكل ولا تكلم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَا لَكُمۡ لَا تَنطِقُونَ} (92)

69

فاستطرد في تهكمه وعليه طابع الغيظ والسخرية : ( ما لكم لا تنطقون ? ) . . وهي حالة نفسية معهودة . أن يوجه الإنسان كلامه إلى ما يعلم حقيقته ، ويستيقن أنه لا يسمع ولا ينطق ! إنما هو الضيق بما وراء الآلهة المزعومة من القوم وتصورهم السخيف ! . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَا لَكُمۡ لَا تَنطِقُونَ} (92)

وقوله : فَرَاغَ إلى آلِهَتِهمْ يقول تعالى ذكره : فمال إلى آلهتهم بعد ما خرجوا عنه وأدبروا وأرى أن أصل ذلك من قولهم : راغ فلان عن فلان : إذا حاد عنه ، فيكون معناه إذا كان كذلك : فراغ عن قومه والخروج معهم إلى آلهتهم كما قال عديّ بن زيد :

حِينَ لا يَنْفَعُ الرّوَاغُ وَلا يَنْ *** فَعُ إلاّ المُصَادِقُ النّحْرِيرُ

يعني بقوله : «لا ينفع الرّواغ » : الحِياد . أما أهل التأويل فإنهم فسّروه بمعنى فمَال . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَرَاغَ إلى آلِهَتِهِم : أي فمال إلى آلهتهم ، قال : ذهب .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدّيّ قوله : فَرَاغَ إلى آلِهَتِهِمْ قال : ذهب .

وقوله : فَقالَ ألاَ تأكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ هذا خبر من الله عن قيل إبراهيم للاَلهة وفي الكلام محذوف استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره ، وهو : فقرّب إليها الطعام فلم يرها تأكل ، فقال لها : ألا تَأْكُلُونَ فلما لم يرها تأكل قال لها : مالكم لا تأكلون ، فلم يرها تنطق ، فقال لها : ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ مستهزئا بها ، وكذلك ذكر أنه فعل بها ، وقد ذكرنا الخبر بذلك فيما مضى قبلُ . وقال قتادة في ذلك ما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَقالَ ألاَ تَأْكُلونَ يستنطقهم مالَكُمْ لا تَنْطِقُونَ ؟ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَا لَكُمۡ لَا تَنطِقُونَ} (92)

«راغ » معناه مال ، ومنه قول عدي بن زيد : [ الخفيف ]

حيث لا ينفع الرياغ ولا . . . ينفع إلا المصلق النحرير{[9875]}

وقوله تعالى : { ألا تأكلون } هو على جهة الاستهزاء بعبدة تلك الأصنام ، وروي أن عادة أولئك كانت أنهم يتركون في بيوت الأصنام طعاماً ، ويعتقدون أنها تصيب منه شميماً ونحو هذا من المعتقدات الباطلة ، ثم كان خدم البيت يأكلونه ، فلما دخل إبراهيم وقف على الأكل ، والنطق والمخاطبة للأصنام والقصد الاستهزاء بعابدها .


[9875]:البيت ومن قصيدته المعروفة باسم"عبرة الدهر"، والتي قالها وهو في السجن، وتحدث فيها عن صروف الدهر والموت الذي لا تؤجله قوة، والتي بدأها بقوله:"أرواح مودع أم بكور لك..."، ويروى البيت:"يوم لا ينفع الرواغ" بالواو، وهي الأصل، وفي اللسان(روغ) أنه يقال: رواغة، ورياغة، وأصلها رِواغة صارت الواو ياء للكسرة قبلها، ومعنى الرياغ: الميل، وهي موضع الشاهد، والنحرير: الحاذق الماهر العاقل المجرب، وقيل: هو الرجل الفطِن المتقن البصير في كل شيء. ويورى البيت:" ولا يُقدم إلا المشيع النحرير" بدلا من"ولا ينفع إلا المصادق النحرير". ومعنى البيت: في ذلك اليوم العصيب، يوم يأتيني الموت والهلاك لا تنجع الحيلة والمراوغة، ولا يصمد إلا الشجاع الفطن الصادق، في حين يتخاذل الجبان الفاقد للعزم.