تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ} (28)

{ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ } الذي رباك بنعمته ، وأسدى عليك من إحسانه ما صرت به من أوليائه وأحبابه { رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً } أي : راضية عن الله ، وعن ما أكرمها به من الثواب ، والله قد رضي عنها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ} (28)

وفي وسط الشد والوثاق ، الانطلاق والرخاء : " ارجعي إلى ربك " ارجعي إلى مصدرك بعد غربة الأرض وفرقة المهد . ارجعي إلى ربك بما بينك وبينه من صلة ومعرفة ونسبة . . " راضية مرضية " بهذه النداوة التي تفيض على الجو كله بالتعاطف والرضى . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ} (28)

قوله : ارْجِعي إلى رَبّكِ اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : هذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن قيل الملائكة لنفس المؤمن عند البعث ، تأمرها أن ترجع في جسد صاحبها قالوا : وعُنِي بالردّ هاهنا صاحبها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يا أيّتُها النّفْسُ المُطْمَئِنّةُ ارْجِعي إلى رَبّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً قال : تردّ الأرواح المطمئنة يوم القيامة في الأجساد .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : فادْخُلِي فِي عبادِي وَادْخُلِي جَنّتِي يأمر الله الأرواح يوم القيامة أن ترجع إلى الأجساد ، فيأتون الله كما خلقهم أوّل مرّة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن عكرِمة في هذه الاَية : ارْجِعي إلى رَبّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً إلى الجسد .

وقال آخرون : بل يقال ذلك لها عند الموت . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ارْجِعي إلَى رَبّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً قال : هذا عند الموت فادْخُلِي فِي عِبادِي قال : هذا يوم القيامة .

وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن عباس والضحاك ، أن ذلك إنما يقال لهم عند ردّ الأرواح في الأجساد يوم البعث لدلالة قوله : فادْخُلِي فِي عِبادِي وادْخُلِي جَنّتِي .

اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : فادخلي في عبادي الصالحين ، وادخلي جنتي . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فادْخُلِي فِي عِبادِي قال : ادخلي في عبادي الصالحين وَادْخُلِي جَنّتِي .

وقال آخرون : معنى ذلك : فادْخُلِي في طَاعَتِي وَادخُلِي جَنّتِي . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن نعيم بن ضمضم ، عن محمد بن مزاحم أخي الضحاك بن مُزاحم : فادْخُلِي فِي عِبادِي قال : في طاعتي وَادْخُلِي جَنّتِي قال : في رحمتي .

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يوجّه معنى قوله : فادْخُلِي فِي عِبادي إلى : فادخلي في حزبي .

وكان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يتأوّل ذلك يا أيّتُها النّفْسُ المُطْمَئِنّةُ بالإيمان ، والمصدّقة بالثواب والبعث ارجعي ، تقول لهم الملائكة : إذا أُعطوا كتبهم بأيمانهم ارْجِعي إلى رَبّكِ إلى ما أعدّ الله لك من الثواب قال : وقد يكون أن تقول لهم شِبْه هذا القول : ينوون ارجعوا من الدنيا إلى هذا المرجع قال : وأنت تقول للرجل : ممن أنت ؟ فيقول : مُضَريّ ، فتقول : كن تميميا أو قيسيا ، أي أنت من أحد هذين ، فتكون كن صلة ، كذلك الرجوع يكون صلة ، لأنه قد صار إلى القيامة ، فكان الأمر بمعنى الخبر ، كأنه قال : أيتها النفس ، أنت راضية مرضية .

وقد رُوي عن بعض السلف أنه كان يقرأ ذلك : «فادْخُلِي فِي عَبْدِي ، وَادْخُلِي جَنّتِي » . ذكر من قال ذلك :

حدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم بن سلام ، قال : حدثنا حجاج ، عن هارون ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليمان بن قَتّةَ ، عن ابن عباس ، أنه قرأها : «فادْخُلِي فِي عَبْدِي » على التوحيد .

حدثني خلاد بن أسلم ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، عن هارون القاري ، قال : ثني هلال ، عن أبي الشيخ الهنائي : «فادْخُلِي فِي عَبْدِي » . وفي قول الكلبيّ : «فادْخُلِي فِي عَبْدِي ، وَادْخُلِي فِي جَنّتِي » يعني : الروح ترجع في الجسد .

والصواب من القراءة في ذلك فادخُلي في عِبادي بمعنى : فادخلي في عبادي الصالحين . لإجماع الحجة من القراء عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ} (28)

ارجعي إلى ربك إلى أمره أو موعده بالموت ويشعر ذلك بقول من قال كانت النفوس قبل الأبدان موجودة في عالم القدس أو البعث راضية بما أوتيت مرضية عند الله تعالى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ} (28)

ومعنى ( ارجعي إلى ربك ) على هذا التأويل ( ارجعي ) بالموت

وقوله تعالى : ( في عبادي ) أي في عداد عبادي الصالحين وهذه قراءة الجمهور بجمع ( عبادي ) وقال قوم النداء عند قيام الأجساد من القبور فقوله تعالى : ( ارجعي إلى ربك ) معناه : بالبعث من موتك ارجعي إلى الله تعالى ، وقيل الرب هنا : الإنسان ذو النفس ، أي : ادخلي في الأجساد ، و ( النفس ) اسم جنس{[11820]} ، وقال بعض العلماء : هذا النداء هو الآن للمؤمنين كما ذكر الله تعالى حال الكافرين قال : يا مؤمنون{[11821]} دوموا وجدوا حتى ترجعوا راضين مرضيين فالنفس - على هذا اسم الجنس .


[11820]:واستدلوا على هذا بقراءة ابن عباس رضي الله عنهما: (فادخلي في عبدي) على التوحيد، وقراءة ابن مسعود: (في جسد عبدي...)
[11821]:في جميع الأصول: "يا مؤمنين".