تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ} (67)

{ 67 } { فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ }

لما ذكر تعالى سؤال الخلق عن معبودهم وعن رسلهم ، ذكر الطريق الذي ينجو به العبد من عقاب اللّه تعالى ، وأنه لا نجاة إلا لمن اتصف بالتوبة من الشرك والمعاصي ، وآمن باللّه فعبده ، وآمن برسله فصدقهم ، وعمل صالحا متبعا فيه للرسل ، { فَعَسَى أَنْ يَكُونَ } من جمع هذه الخصال { مِنَ الْمُفْلِحِينَ } الناجحين بالمطلوب ، الناجين من المرهوب ، فلا سبيل إلى الفلاح بدون هذه الأمور .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ} (67)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَأَمّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَىَ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ } .

يقول تعالى ذكره : فأمّا مَنْ تابَ من المشركين ، فأناب وراجع الحقّ ، وأخلص لله الألوهة ، وأفرد له العبادة ، فلم يشرك في عبادته شيئا وآمَنَ يقول : وصدّق بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم . وعَمِلَ صَالِحا يقول : وعمل بما أمره الله بعمله في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فَعَسَى أن يكُونَ مِنَ المُفْلِحِينَ . يقول : فهو من المُنْجِحِين المُدْرِكِين طَلِبتهم عند الله ، الخالدين في جِنانه ، وعسى من الله واجب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ} (67)

ثم انتزع تعالى من الكفرة { من تاب } من كفره { وآمن } بالله ورسوله { وعمل } بالتقوى ، ورجى عز وجل فيهم أنهم يفوزون ببغيهم ويبقون في النعيم الدائم وقال كثير من العلماء «عسى » من الله واجبة .

قال القاضي أبو محمد : وهذا ظن حسن بالله تعالى يشبه فضله وكرمه واللازم من «عسى » أنها ترجية لا واجبة ، وفي كتاب الله عز وجل { عسى ربه إن طلقكن }{[9162]} [ التحريم : 5 ] .


[9162]:من الآية 5 من سورة التحريم.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ} (67)

تخلل بين حال المشركين ذكر حال الفريق المقابل وهو فريق المؤمنين على طريقة الاعتراض لأن الأحوال تزداد تميزاً بذكر أضدادها ، والفاء للتفريع على ما أفاده قوله { فعميت عليهم الأنباء } [ القصص : 66 ] من أنهم حق عليهم العذاب .

ولما كانت ( أما ) تفيد التفصيل وهو التفكيك والفصل بين شيئين أو أشياء في حكم فهي مفيدة هنا أن غير المؤمنين خاسرون في الآخرة وذلك ما وقع الإيماء إليه بقوله { فهم لا يتساءلون } [ القصص : 66 ] فإنه يكتفى بتفصيل أحد الشيئين عن ذكر مقابله ومنه قوله تعالى { فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضلء } [ النساء : 175 ] أي وأما الذين كفروا بالله فبضد ذلك .

والتوبة هنا : الإقلاع عن الشرك والندم على تقلده . وعطف الإيمان عليها لأن المقصود حصول إقلاع عن عقائد الشرك وإحلال عقائد الإسلام محلها ولذلك عطف عليه { وعمل صالحاً } لأن بعض أهل الشرك كانوا شاعرين بفساد دينهم وكان يصدهم عن تقلد شعائر الإسلام أسباب مغرية من الأعراض الزائلة التي فتنوا بها .

و ( عسى ) ترج لتمثيل حالهم بحال من يرجى منه الفلاح . و { أن يكون من المفلحين } أشد في إثبات الفلاح من : أن يفلح ، كما تقدم غير مرة .