نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَأَمَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَعَسَىٰٓ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلۡمُفۡلِحِينَ} (67)

ولما علم بهذه الآيات حال من أصر على كفره وعمل سيئاً بطريق العبارة ، وأشير إلى حال من تاب فوعد الوعد الحسن ألطف إشارة تسبب عن ذلك التشوف إلى التصريح بحالهم ، فقال مفصلاً مرتباً على ما تقديره : هذا حال من أصر على كفره { فأما من تاب } أي عن كفره وقال : { وآمن } تصريحاً بما علم التزاماً ، فإن الكفر والإيمان ضدان ، لا يمكن ترك أحدهما إلا بأخذ الآخر { وعمل } تصديقاً لدعواه باللسان { صالحاً } .

ولما كانت النفس نزاعة إلى النقائص ، مسرعة إلى الدنايا ، أشير إلى صعوبة الاستمرار على طريق الهدى إلا بعظيم المجاهدة بقوله : { فعسى } أي فإنه يتسبب عن حاله هذا الطمع في { أن يكون } أي كوناً هو في غاية الثبات { من المفلحين* } أي الناجين من شر ذلك اليوم ، الظافرين بجميع المراد ، باستمرارهم على طاعتهم إلى الموت ، وإنما لم يقطع له بالفلاح وإن كان مثل ذلك في مجاري عادات الملوك قطعاً ، إعلاماً بأنه لا يجب عليه سبحانه شيء ليدوم حذره ، ويتقي قضاؤه وقدره ، فإن الكل منه .