تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ لَنَٰكِبُونَ} (74)

لأنهم { عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } متجنبون منحرفون ، عن الطريق الموصل إلى الله ، وإلى دار كرامته ، ليس في أيديهم إلا ضلالات وجهالات .

وهكذا كل من خالف الحق ، لا بد أن يكون منحرفا في جميع أموره ، قال تعالى : { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ لَنَٰكِبُونَ} (74)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنّ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ عَنِ الصّرَاطِ لَنَاكِبُونَ * وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ لّلَجّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } .

يقول تعالى ذكره : الذين لا يصدّقون بالبعث بعد الممات ، وقيام الساعة ، ومجازاة الله عباده في الدار الاَخرة عَنِ الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول : عن مَحَجّة الحق وقصد السبيل ، وذلك دين الله الذي ارتضاه لعباده لَعادِلُونَ ، يقال منه : قد نكب فلان عن كذا : إذا عدل عنه ، ونكّب عنه : أي عدل عنه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراسانيّ ، عن ابن عباس ، قوله : عَنِ الصّرَاطِ لَناكِبُونَ قال : لعادلون .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَإنّ الّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بالاَخِرَةِ عَنِ الصّراطِ لَناكِبُونَ يقول : عن الحقّ عادلون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ لَنَٰكِبُونَ} (74)

{ وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط } عن الصراط السوي . { لناكبون } لعادلون عنه فإن خوف الآخرة أقوى البواعث على طلب الحق وسلوك طريقه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَٰطِ لَنَٰكِبُونَ} (74)

كذلك التوكيد في قوله : { وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط الناكبون } . والتعبير فيه بالموصول وصلته إظهار في مقام الإضمار حيث عدل عن أن يقول : وإنهم عن الصراط لناكبون . والغرض منه ما تنبىء به الصلة من سبب تنكبهم عن الصراط المستقيم أن سببه عدم إيمانهم بالآخرة . وتقدم قوله تعالى : { قال هذا صراطٌ علي مستقيم } في سورة الحجر ( 41 ) .

والتعريف في { الصراط } للجنس ، أي هم ناكبون عن الصراط من حيث هو حيث لم يتطلبوا طريق نجاة فهم ناكبون عن الطريق بله الطريق المستقيم ولذلك لم يكن التعريف في قوله { عن الصراط } للعهد بالصراط المذكور لأن تعريف الجنس أتم في نسبتهم إلى الضلال بقرينة أنهم لا يؤمنون بالآخرة التي هي غاية العامل من عمله فهم إذن ناكبون عن كل صراط موصل إذ لا همة لهم في الوصول .

والناكب : العادل عن شيء ، المعرض عنه ، وفعله كنصر وفرح . وكأنه مشتق من المنكب وهو جانب الكتف لأن العادل عن شيء يولي وجهه عنه بجانبه .