تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ} (30)

{ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ } أي : إلى ظل نار جهنم ، التي تتمايز في خلاله ثلاث شعب أي : قطع من النار أي : تتعاوره وتتناوبه وتجتمع به .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ} (30)

قول تعالى ذكره لهؤلاء المكذّبين بهذه النّعم والحجج التي احتجّ بها عليهم يوم القيامة : انْطَلِقُوا إلى ما كُنْتُمْ بِهِ في الدنيا تُكَذّبُونَ من عذاب الله لأهل الكفر به انْطَلِقُوا إلى ظِلّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ يعني تعالى ذكره : إلى ظلّ دخان ذي ثلاث شعب لا ظَلِيلٍ ، وذلك أنه يرتفع من وقودها الدخان فيما ذُكر ، فإذا تصاعد تفرّق شعبا ثلاثا ، فذلك قوله : ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إلى ظِلّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قال : دخان جهنم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ظِلّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ قال : هو كقوله : نارا أحاطَ بِهِمْ سُرَادِقُها قال : والسرادق : دخان النار ، فأحاط بهم سرادقها ، ثم تفرّق ، فكان ثلاث شعب ، فقال : انطلقوا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب : شعبة ههنا ، وشعبة ههنا ، وشعبة ههنا لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللّهَبِ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ} (30)

انطلقوا خصوصا وعن يعقوب انطلقوا على الإخبار عن امتثالهم للأمر اضطرارا إلى ظل يعني ظل دخان جهنم كقوله تعالى وظل من يحموم ذي ثلاث شعب يتشعب لعظمه كما ترى الدخان العظيم يتفرق تفرق الذوائب وخصوصية الثلاث إما لأن حجاب النفس عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم أو لأن المؤدي إلى هذا العذاب هو القوة الواهمة الحالية في الدماغ والغضبية التي في يمين القلب والشهوية التي في يساره ولذلك قيل شعبة تقف فوق الكافر وشعبة عن يمينه وشعبة عن يساره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱنطَلِقُوٓاْ إِلَىٰ ظِلّٖ ذِي ثَلَٰثِ شُعَبٖ} (30)

وجملة { انطلقوا إلى ظل } إلى آخرها ، بدل اشتمال أو مطابقٌ من جملة { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } .

وأعيد فعل { انطلقوا } على طريقة التكرير لقصد التوبيخ أو الإِهانة والدَّفْع ، ولأجله أُعيد فعل { انطلقوا } وحرفُ { إلى } .

ومقتضى الظاهر أن يقال : انطلقوا إلى ما كنتُم به تكذبون ظِللٍ ذي ثلاث شعب ، فإعادة العامل في البدل للتأكيد في مقام التقريع .

وأريد بالظل دخان جهنم لكثافته ، فعبر عنه بالظل تهكماً بهم لأنهم يتشوقون ظلاً يأوون إلى برده .

وأفرد { ظل } هنا لأنه جعل لهم ذلك الدخان في مكان واحد ليكونوا متراصين تحته لأن ذلك التراص يزيدهم ألماً .

وقرأ الجمهور { انطلقوا } الثاني بكسر اللام مثل { انطلقوا } الأول ، وقرأه رُوَيس عن يعقوب بفتح اللام على صيغة الفعل الماضي على معنى أنهم أُمروا بالانطلاق إلى النار فانطلقوا إلى دخانها ، وإنما لم يعطف بالفاء لقصد الاستئناف ليكون خبراً آخرَ عن حالهم .

والشُّعَب : اسم جمع شُعبة وهي الفريق من الشيء والطائفة منه ، أي ذي ثلاث طوائف وَأريد بها طوائف من الدخان فإن النار إذا عظم اشتعالها تصاعد دخانها من طرفيها ووسطها لشدة انضغاطه في خروجه منها .

فوُصف الدخان بأنه ذو ثلاث شعب لأنه يكون كذلك يوم القيامة . وقد قيل في سبب ذلك : إن شعبة منه عن اليمين وشعبة عن اليسار وشعبة من فوق ، قال الفخر : « وأقول هذا غير مستبعد لأن الغضب عن يمينه والشهوة عن شماله والقوة الشيطانية في دماغه ، ومنبع جميع الآفات الصادرة عن الإِنسان في عقائده وفي أعماله ليس إلاّ هذه الثلاثة ، ويمكن أن يقال ها هنا ثلاث درجات وهي : الحِس ، والخيال ، والوهَم . وهي مانعة للروح من الاستنارة بأنوار عالم القدس » اه .