تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (16)

ولما بين خلق الثقلين ومادة ذلك{[948]}  وكان ذلك منة منه [ تعالى ] على عباده{[949]}  قال : { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }


[948]:- كذا في ب، وفي أ: مادة الثقلين.
[949]:- في ب: عليهم.
   
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (16)

وكرر قوله : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } تأكيداً أو تنبيهاً لنفوس وتحريكاً لها ، وهذه طريقة من الفصاحة معروفة ، وهي من كتاب الله في مواضع ، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي كلام العرب وذهب قوم منهم ابن قتيبة وغيره إلى أن هذا التكرار إنما هو لما اختلفت النعم المذكورة كرر التوقيف مع كل واحدة منها ، وهذا حسن . قال الحسين بن الفضي : التكرار لطرد الغفلة ولا تأكيد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (16)

هذا توبيخ على عدم الاعتراف بنعم الله تعالى ، جيء فيه بمثل ما جيء به في نظيره الذي سبقه ليكون التوبيخ بكلام مثللِ سابقه ، وذلك تكريرٌ من أسلوب التوبيخ ونحوه أن يكون بمثل الكلام السابق ، فحق هذا أن يسمى بالتعداد لا بالتكرار ، لأنه ليس تكريراً لمجرد التأكيد ، فالفاء من قوله : { فبأي ألاء ربكما } هنا تفريع على قوله : { رب المشرقين ورب المغربين } [ الرحمن : 17 ] لأن ربوبيته تقتضي الاعتراف له بنعمة الإِيجاد والإِمداد وتحصل من تماثل الجمل المكررة فائدة التأكيد والتقرير أيضاً فيكون للتكرير غرضان كما قدمناه في الكلام على أول السورة .

وفائدة التكرير توكيد التقرير بما لله تعالى من نعم على المخاطبين وتعريض بتوبيخهم على إشراكهم بالله أصناماً لا نعمة لها على أحد ، وكلها دلائل على تفرد الإِلهية . وعن ابن قتيبة « أن الله عدّد في هذه السورة نعماء ، وذكر خلقه آلاءه ثم أتبع كل خلة وَصَفها ، ونعمة وضعها بهذه ، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين لينبههم على النعم ويقررهم بها » اه . وقال الحسين بن الفضل{[405]} : التكرير طرد للغفلة وتأكيد للحجة .

وقال الشريف المرتضى في مجالسه وأماله المسمّى « الدرر والغرر » : وهذا كثير في كلام العرب وأشعارهم ، قال مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليباً :

على أن ليس عدلاً من كليب *** إذا طرد اليتيم عن الجزور

وذكر المصراع الأول ثماني مرات في أوائل أبيات متتابعة . وقال الحارث بن عياد :

قَرِّبَا مربط النعامة مني *** لقحت حرب وائل عن حبال

ثم كرر قوله : قرِّبا مربط النعامة مني ، في أبيات كثيرة من القصيد .

وهكذا القول في نظائر قوله : { فبأي ألاء ربكما تكذبان } المذكور هنا إلى ما في آخر السورة .


[405]:- الحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي النيسابوري توفي سنة 282 وعمره مائة وأربع سنين، له تفسير القرآن.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فمن ثم قال: {فبأي آلاء} يعني نعماء {ربكما تكذبان}...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يقول، والله أعلم: إذا لم تنكروا شيئا من آلائه، أنه ليس منه، فما لكم تنكرون قدرته على البعث وغيره؟...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وإنما كررت هذه الآية، لأنه تقرير بالنعمة عند ذكرها على التفصيل نعمة نعمة. كأنه قيل بأي هذه الآلاء تكذبان. ثم ذكرت آلاء أخر فاقتضت من التذكير والتقرير بها ما اقتضت الأولى ليتأمل كل واحد في نفسها وفى ما تقتضيه صفتها من حقيقتها التي تتفصل بها من غيرها...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وكرر قوله: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} تأكيداً أو تنبيهاً لنفوس وتحريكاً لها، وهذه طريقة من الفصاحة معروفة، وهي من كتاب الله في مواضع، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وفي كلام العرب وذهب قوم منهم ابن قتيبة وغيره إلى أن هذا التكرار إنما هو لما اختلفت النعم المذكورة كرر التوقيف مع كل واحدة منها، وهذا حسن. قال الحسين بن الفضي: التكرار لطرد الغفلة ولا تأكيد.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

(فبأي آلاء) الكثيرة المذكورة التي سبقت من السبعة، والتي دلت عليها الثامنة (تكذبان) وإذا نظرت إلى ما دلت عليه الثمانية وإلى قوله: {كل يوم هو في شأن فبأي آلاء ربكما تكذبان}، يظهر لك صحة ما ذكر أنه بين قدرته وعظمته ثم يقول: فبأي تلك الآلاء التي عددتها أولا تكذبان،...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والخطاب هنا للجن والإنس، لتذكيرهما بنعمة الوجود. كل من الأصل الذي أنشأه الله منه. وهي النعمة التي تقوم عليها سائر النعم. ومن ثم يعقب عليها بتعقيب التسجيل والإشهاد العام: (فبأي آلاء ربكما تكذبان؟).. ولا تكذيب في هذا المقام المشهود!...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

هذا توبيخ على عدم الاعتراف بنعم الله تعالى، جيء فيه بمثل ما جيء به في نظيره الذي سبقه ليكون التوبيخ بكلام مثل سابقه، وذلك تكريرٌ من أسلوب التوبيخ ونحوه أن يكون بمثل الكلام السابق، فحق هذا أن يسمى بالتعداد لا بالتكرار، لأنه ليس تكريراً لمجرد التأكيد، فالفاء من قوله: {فبأي ألاء ربكما} هنا تفريع على قوله: {رب المشرقين ورب المغربين} [الرحمن: 17] لأن ربوبيته تقتضي الاعتراف له بنعمة الإِيجاد والإِمداد وتحصل من تماثل الجمل المكررة فائدة التأكيد والتقرير أيضاً فيكون للتكرير غرضان كما قدمناه في الكلام على أول السورة. وفائدة التكرير توكيد التقرير بما لله تعالى من نعم على المخاطبين وتعريض بتوبيخهم على إشراكهم بالله أصناماً لا نعمة لها على أحد، وكلها دلائل على تفرد الإِلهية.