{ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا } على طاعة الله ، فعملوا ما أمكنهم منها ، وعن معاصي الله ، فتركوها ، وعلى أقدار الله المؤلمة ، فلم يتسخطوها ، { جَنَّةً } جامعة لكل نعيم ، سالمة من كل مكدر ومنغص ، { وَحَرِيرًا } كما قال [ تعالى : ] { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } ولعل الله إنما خص الحرير ، لأنه لباسهم الظاهر ، الدال على حال صاحبه .
وقوله : { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا } أي : بسبب صبرهم أعطاهم ونَوّلهم وبوّأهم { جَنَّةً وَحَرِيرًا } أي : منزلا رحبا ، وعيشا رَغَدًا{[29600]} ولباسًا حَسَنًا .
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الدّارَاني قال : قرئ على أبي سليمان الداراني سورة : { هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ } فلما بلغ القارئ إلى قوله : { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } قال بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ، ثم أنشد :
كَم قَتيل بشَهوةٍ وأسير *** أفّ مِنْ مُشتَهِي خِلاف الجَميل
شَهوَاتُ الإنْسان تورثه الذُّل *** وَتُلْقيه في البَلاء الطَّويل{[29601]}
وجملة { وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً } ، عطف على جملة { فوقاهم } وجملة { ولقاهم } لتماثل الجمل الثلاث في الفعلية والمُضيّ وهما محسنان من محسنات الوصل .
والحرير : اسم لخيوط من مفرزات دودة مخصوصة ، وتقدم الكلام عليه في سورة فاطر .
وكان الجزاء برفاهية العيش إذ جعلهم في أحسن المساكن وهو الجنة ، وكساهم أحسن الملابس وهو الحرير الذي لا يلبسه إلاّ أهل فرط اليسار ، فجمع لهم حسن الظرف الخارج وحسن الظرف المباشر وهو اللباس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.