تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا} (2)

{ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا } أي : تبعها في المنازل والنور .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا} (2)

وقوله - تعالى - : { والقمر إِذَا تَلاَهَا } أى : تبعها ، تقول : فلان تلا فلانا يتلوه ، إذا تبعه ، قال بعض العلماء : فأما أن القمر تابع للشمس فيحتمل معنيين : أحدهما : أنه تال لها فى ارتباط مصالح الناس ، وتعلق منافع هذا العالم بحركته ، وقد دل علم الهيئة على أن بين الشمس والقمر من المناسبة ما ليس بين غيرهما من الكواكب . وثانيهما : أن القمر يأخذ نوره ويستمده من نور الشمس . وهذا قول الفراء قديما ، وقد قامت الأدلة عند علماء الهيئة والنجوم ، على أن القمر يستمد ضوءه من الشمس . .

وقال الشيخ ابن عاشور : وفى الآية إشارة إلى أن نور القمر ، مستفاد من نور الشمس ، أى : من توجه أشعة الشمس إلى ما يقابل الأرض من القمر ، وليس نيرا بذاته ، وهذا إعجاز علمى من إعجاز القرآن . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا} (2)

وبالقمر إذا تلاها . . إذا تلا الشمس بنوره اللطيف الشفيف الرائق الصافي . . وبين القمر والقلب البشري ود قديم موغل في السرائر والأعماق ، غائر في شعاب الضمير ، يترقرق ويستيقظ كلما التقى به القلب في اية حال . وللقمر همسات وإيحاءات للقلب ، وسبحات وتسبيحات للخالق ، يكاد يسمعها القلب الشاعر في نور القمر المنساب . . وإن القلب ليشعر أحيانا أنه يسبح في فيض النور الغامر في الليلة القمراء ، ويغسل أدرانه ، ويرتوي ، ويعانق هذا النور الحبيب ويستروح فيه روح الله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا} (2)

والتلُوَّ : التبع وأريد به خَلف ضوئه في الليل ضوءَ الشمس ، أي إذا ظهر بعد مغيبها فكأنه يتبعها في مكانها ، وهذا تلو مجازي . والقمر يتبع الشمس في أحوال كثيرة منها استهلاله ، فالهلال يظهر للناظرين عقب غروب الشمس ثم يبقى كذلك ثلاث ليال ، وهو أيضاً يَتلو الشمس حين يقارب الابتدارَ وحين يصير بدراً فإذا صار بدراً صار تُلوّه الشمسَ حقيقة لأنه يظهر عندما تغرب الشمس ، وقريباً من غروبها قبله أو بعده ، وهو أيضاً يضيء في أكثر ليالي الشهر جعله الله عوضاً عن الشمس في عدة ليال في الإِنارة ، ولذلك قُيّد القسم بحين تلوه لأن تلوه للشمس حينئذ تظهر منه مظاهر التلوّ للناظرين ، فهذا الزمان مثل زمان الضحى في القسم به ، فكان بمنزلة قَسَم بوقت تُلوه الشمس ، فحصل القسم بذات القمر وبتلوه الشمس .

وفي الآية إشارة إلى أن نور القمر مستفاد من نور الشمس ، أي من توجه أشعة الشمس إلى ما يقابل الأرض من القمر ، وليس نيّراً بذاته ، وهذا إعجاز علمي من إعجاز القرآن وهو مما أشرت إليه في المقدمة العاشرة .

وابتدىء بالشمس لمناسبة المقام إيماء للتنويه بالإِسلام لأن هديه كنور الشمس لا يترك للضلال مسلكاً ، وفيه إشارة إلى الوعد بانتشاره في العالم كانتشار نور الشمس في الأفق ، واتبع بالقمر لأنه ينير في الظلام كما أنار الإِسلام في ابتداء ظهوره في ظلمة الشرك ، ثم ذكر النهار والليل معه لأنهما مثل لوضوح الإسلام بعد ضلالة الشرك وذلك عكس ما في سورة الليل لما يأتي .

ومناسبة استحضار السماء عقب ذكر الشمس والقمر ، واستحضار الأرض عقب ذكر النهار والليل ، واضحة ، ثم ذكرت النفس الإنسانية لأنها مظهر الهدى والضلال وهو المقصود .