تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَفَعَلۡتَ فَعۡلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلۡتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (19)

وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ } وهي قتل موسى للقبطي ، حين استغاثه الذي من شيعته ، على الذي من عدوه { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ } الآية .

{ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ } أي : وأنت إذ ذاك طريقك طريقنا ، وسبيلك سبيلنا ، في الكفر ، فأقر على نفسه بالكفر ، من حيث لا يدري .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَفَعَلۡتَ فَعۡلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلۡتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (19)

{ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلْتَ } وهى قتلك لرجل من شيعتى { وَأَنتَ مِنَ الكافرين } .

أى : وأنت من الجاحدين بعد ذلك لنعمتى التى أنعمتها عليك ، فى حال طفولتك ، وفى حال صباك ، وفى حال شبابك .

لأنك جئتنى أنت وأخوك بما يخالف ديننا ، وطلبتما منا أن نرسل معكما بنى إسرائيل . فهل هذا جزاء إحسانى إليك ؟

وهكذا نرى فرعون يوجه إلى موسى - عليه السلام - تلك الأسئلة على سبيل الإنكار عليه لما جاء به ، متوهما أنه قد قطع عليه طريق الإجابة .

ولكن موسى - عليه السلام - وقد استجاب الله - تعالى - دعاءه ، وأزال عقدة لسانه ، رد عليه ردا حكيما ، فقال - كما حكى القرآن عنه : { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضالين } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَفَعَلۡتَ فَعۡلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلۡتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (19)

10

ويذكره بحادث مقتل القبطي في تهويل وتجسيم : ( وفعلت فعلتك التي فعلت ) . . فعلتك البشعة الشنيعة التي لا يليق الحديث عنها بالألفاظ المفتوحة ! فعلتها ( وأنت من الكافرين )برب العالمين الذي تقول به اليوم ، فإنك لم تكن وقتها تتحدث عن رب العالمين !

وهكذا جمع فرعون كل ما حسبه ردا قاتلا لا يملك موسى - عليه السلام - معه جوابا ، ولا يستطيع مقاومة . وبخاصة حكاية القتل ، وما يمكن أن يعقبها من قصاص ، يتهدده به من وراء الكلمات !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَفَعَلۡتَ فَعۡلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلۡتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (19)

{ وفعلت فعلتك التي فعلت } يعني قتل القبطي ، وبخه به معظما إياه بعدما عدد عليه نعمته ، وقرئ فعلتك بالكسر لأنها كانت قتلة بالوكز ، { وأنت من الكافرين } بنعمتي حتى عمدت إلى قتل خواصي ، أو ممن تكفرهم الآن فإنه عليه الصلاة والسلام كان يعايشهم بالتقية فهو حال من إحدى التاءين ، ويجوز أن يكون حكما مبتدأ عليه بأنه من الكافرين بآلهيته أو بنعمته لما عاد عليه بالمخالفة ، أو من الذين كانوا يكفرون في دينهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَفَعَلۡتَ فَعۡلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلۡتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (19)

الفَعْلة : المرة الواحدة من الفِعل ، وأراد بها الحاصل بالمصدر كما اقتضته إضافتها إلى ضمير المخاطب ، وأراد بالفعلة قتلَه القبطي ، قيل هو خَبَّاز فرعون . وعبر عنها بالموصول لعلم موسى بها ، وفي ذلك تهويل للفعلة يكنى به عن تذكيره بما يوجب توبيخه .

وفي العدول عن ذكر فَعلة معيَّنة إلى ذكرها مبهمة مضافةً إلى ضميره ثم وصفها بما لا يزيد على معنى الموصوف تهويلٌ مرادٌ به التفظيع وأنها مشتهرة معلومة مع تحقيق إلصاق تبعتها به حتى لا يجد تنصلاً منها .

وجملة : { وأنت من الكافرين } حال من ضمير { فعلت } . والمراد به كفر نعمة فرعون من حيث اعتدى على أحد خاصّته وموالي آله ، وكان ذلك انتصاراً لرجل من بني إسرائيل الذين يعُدُّونهم عبيدَ فرعون وعبيدَ قومه ، فجَعل فرعونُ انتصارَ موسى لرجل من عشيرته كفراناً لنعمة فرعون لأنه يرى واجب موسى أن يعُدّ نفسه من قوم فرعون فلا ينتصر لإسرائيلي ، وفي هذا إعمال أحكام التبني وإهمال أحكام النسب وهو قلبُ حقائق وفسادُ وضع . قال تعالى : { وما جَعل أدعياءَكم أبناءَكم ذلكم قولُكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل } [ الأحزاب : 4 ] . وليس المراد الكفر بديانة فرعون لأن موسى لم يكن يوم قتل القبطي متظاهراً بأنه على خلاف دينهم وإن كان في باطنه كذلك لأن الأنبياء معصومون من الكفر قبل النبوءة وبعدها .

ويجوز أن تكون جملة : { وأنت من الكافرين } عطفاً على الجُمل التي قبلها التي هي توبيخ ولوم ، فوبخه على تقدم رعيه تربيتَهم إياه فيما مضى ، ثم وبّخه على كونه كافراً بدينهم في الحال ، لأن قوله : { من الكافرين } حقيقة في الحال إذ هو اسم فاعل واسم الفاعل حقيقة في الحال .

ويجوز أن يكونَ المعنى : وأنت حينئذ من الكافرين بديننا ، استناداً منه إلى ما بدا من قرائنَ دلّته على استخفاف موسى بدينهم فيما مضى لأن دينهم يقتضي الإخلاص لفرعون وإهانةَ من يهينهم فرعون . ولعل هذا هو السبب في عزم فرعون على أن يقتصّ من موسى للقبطي لأن الاعتداء عليه كان مصحوباً باستخفاف بفرعون وقومه .

ويفيد الكلام بحذافره تعجباً من انتصاب موسى منصب المرشد مع ما اقترفه من النقائص في نظر فرعون المنافية لدعوى كونه رسولاً من الربّ .