تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

{ أَلَمْ تَرَ } غوايتهم وشدة ضلالهم { أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ } من أودية الشعر ، { يَهِيمُونَ } فتارة في مدح ، وتارة في قدح ، وتارة في صدق ، وتارة في كذب ، وتارة يتغزلون ، وأخرى يسخرون ، ومرة يمرحون ، وآونة يحزنون ، فلا يستقر لهم قرار ، ولا يثبتون على حال من الأحوال .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

وقوله - تعالى - : { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ } تأكيد لما قبله ، من كون الشعراء يتبعهم الغاوون . والخطاب لكل من تتأتى منه الرؤية والمعرفة .

والوادى : هو المكان المتسع . والمراد به هنا : فنون القول وطرقه .

ويهيمون : من الهيام وهو أن يذهب المرء على وجهه دون أن يعرف له جهة معينة يقصدها .

يقال : هام فلان على وجهه ، إذا لم يكن له مكان معين يقصده . والهيام داء يستولى على الإبل فيجعلها تشرد عن صاحبها بدون وقوف فى مكان معين ، ومنه قوله - تعالى - : { فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهيم } أى : الجمال العطاش الشاردة .

والمعنى : ألم تر - أيها العاقل - أن هؤلاء الشعراء فى كل فن من فنون الكذب فى الأقوال يخوضون ، وفى كل فج من فجاج الباطل والعبث والفحش يتكلمون ، وأنهم فوق ذلك يقولون مالا يفعلون ، فهم يحضون غيرهم على الشىء ولا يفعلونه ، وهم يقولون فعلنا كذا وفعلنا كذا - على سبيل التباهى والتفاخر - مع أنهم لم يفعلوا .

قال صاحب الكشاف : ذكر الوادى والهيوم : فيه تمثيل لذهابهم فى كل شعب من القول واعتسافهم وقلة مبالاتهم بالغلو فى المنطق ومجاوزة حد القصد فيه ، حتى يفضلوا أجبن الناس على عنترة وأشحهم على حاتم ، وأن يبهتوا البرىء ، ويفسقوا التقى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

192

وهم يهيمون في كل واد من وديان الشعور والتصور والقول ، وفق الانفعال الذي يسيطر عليهم في لحظة من اللحظات تحت وقع مؤثر من المؤثرات .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

{ ألم تر أنهم في كل واد يهيمون } لأن أكثر مقدماتهم خيالات لا حقيقة لها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

وقوله { في كل واد يهيمون } عبارة تخليطهم وخوضهم في كل فن من غث الكلام وباطله وتحسينهم القبيح وتقبيحهم الحسن قاله ابن عباس وغيره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

والرؤية في { ألم تر } قلبية لأن الهُيام والوادي مستعاران لمعاني اضطراب القول في أغراض الشعر وذلك مما يُعلم لا مما يُرى .

والاستفهام تقريري ، وأجري التقرير على نفي الرؤية لإظهار أن الإقرار لا محيد عنه كما تقدم في قوله : { قال ألم نُربِّك فينا وليداً } [ الشعراء : 18 ] ، والخطاب لغير معين . وضمائر { إنهم } و { يهيمون } و { يقولون } و { يفعلون } عائدة إلى الشعراء .

فجملة : { ألم تر أنهم في كل واد يهيمون } وما عطف عليها مؤكدة لما اقتضته جملة : { يتبعهم الغاوون } من ذم الشعراء بطريق فحوى الخطاب .

ومثلت حال الشعراء بحال الهائمين في أودية كثيرة مختلفة لأن الشعراء يقولون في فنون من الشعر من هجاء واعتداء على أعراض الناس ، ومن نسيب وتشبيب بالنساء ، ومدح من يمدحُونه رغبة في عطائه وإن كان لا يستحق المدح ، وذمِّ من يمنعهم وإن كان من أهل الفضل ، وربما ذمّوا من كانوا يمدحونه ومدحوا من سَبق لهم ذمه .

والهيام : هو الحيرة والتردد في المرعى . والوادُ : المنخفض بين عُدوتين . وإنما ترعى الإبل الأودية إذا أقحلت الرُبى ، والربى أجود كلأ ، فمُثّل حال الشعراء بحال الإبل الراعية في الأودية متحيرة ، لأن الشعراء في حرص على القول لاختلاب النفوس .

و { كل } مستعمل في الكثرة . رُوي أنه اندسّ بعض المزَّاحين في زمرة الشعراء عند بعض الخلفاء فعرف الحَاجب الشعراء ، وأنكر هذا الذي اندسّ فيهم ، فقال له : هؤلاء الشعراء وأنتَ من الشعراء ؟ قال : بل أنا من الغاوين ، فاستطرفها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّهُمۡ فِي كُلِّ وَادٖ يَهِيمُونَ} (225)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ألم تر أنهم في كل واد يهيمون}، يعني: في كل طريق، يعني: في كل فن من الكلام يأخذون.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"ألَمْ تَرَ أنّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمونَ" يقول تعالى ذكره: ألم تر يا محمد أنهم، يعني الشعراء في كلّ وادٍ يذهبون، كالهائم على وجهه على غير قصد، بل جائرا على الحقّ، وطريق الرشاد، وقصد السبيل. وإنما هذا مثل ضربه الله لهم في افتنانهم في الوجوه التي يفتنون فيها بغير حقّ، فيمدحون بالباطل قوما ويهجون آخرين كذلك بالكذب والزور... عن ابن عباس "ألَمْ تَرَ أنّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ "يقول: في كلّ لغو يخوضون.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ} من أودية الكلام {يَهِيمُونَ} حائرين، وعن طريق الحق والرشد جائرين..

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

أي هم لما يغلب عليهم من الهوى كالهائم على وجهه في كل واد يعن له، وليس هذا من صفة من عليه السكينة والوقار، ومن هو موصوف بالحلم والعقل. والمعنى أنهم يخوضون في كل فن من الكلام والمعاني التي يعن لهم ويريدونه...والآية قيل نزلت في الشعراء الذين هجوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين، وهي تتناول كل شاعر يكذب في شعره...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ذكر الوادي والهيوم: فيه تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول واعتسافهم وقلة مبالاتهم بالغلو في المنطق ومجاوزة حدّ القصد فيه، حتى يفضلوا أجبن الناس على عنترة، وأشحهم على حاتم، وأن يبهتوا البريّ، ويفسقوا التقي.

أحكام القرآن لابن الفرس 595 هـ :

والهائم: المخالف للقصد.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ثم بين تلك الغواية بأمرين: الأول: {أنهم في كل واد يهيمون} والمراد منه الطرق المختلفة كقولك أنا في واد وأنت في واد، وذلك لأنهم قد يمدحون الشيء بعد أن ذموه وبالعكس، وقد يعظمونه بعد أن استحقروه وبالعكس، وذلك يدل على أنهم لا يطلبون بشعرهم الحق ولا الصدق بخلاف أمر محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه من أول أمره إلى آخره بقي على طريق واحد وهو الدعوة إلى الله تعالى والترغيب في الآخرة والإعراض عن الدنيا.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ألم تر أنهم} أي الشعراء. ومثل حالهم بقوله: {في كل واد} أي من أودية القول من المدح والهجو والنسيب والرثاء والحماسة والمجون وغير ذلك {يهيمون} أي يسيرون سير الهائم حائرين وعن طريق الحق جائرين، كيفما جرهم القول انجروا من القدح في الأنساب، والتشبيب بالحرم، والهجو، ومدح من لا يستحق المدح ونحو ذلك،

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والرؤية في {ألم تر} قلبية لأن الهُيام والوادي مستعاران لمعاني اضطراب القول في أغراض الشعر وذلك مما يُعلم لا مما يُرى.

والاستفهام تقريري، وأجري التقرير على نفي الرؤية لإظهار أن الإقرار لا محيد عنه كما تقدم في قوله: {قال ألم نُربِّك فينا وليداً} [الشعراء: 18]، والخطاب لغير معين. وضمائر {إنهم} و {يهيمون} و {يقولون} و {يفعلون} عائدة إلى الشعراء.

فجملة: {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} وما عطف عليها مؤكدة لما اقتضته جملة: {يتبعهم الغاوون} من ذم الشعراء بطريق فحوى الخطاب.

ومثلت حال الشعراء بحال الهائمين في أودية كثيرة مختلفة لأن الشعراء يقولون في فنون من الشعر من هجاء واعتداء على أعراض الناس، ومن نسيب وتشبيب بالنساء، ومدح من يمدحُونه رغبة في عطائه وإن كان لا يستحق المدح، وذمِّ من يمنعهم وإن كان من أهل الفضل، وربما ذمّوا من كانوا يمدحونه ومدحوا من سَبق لهم ذمه.

والهيام: هو الحيرة والتردد في المرعى. والوادُ: المنخفض بين عُدوتين. وإنما ترعى الإبل الأودية إذا أقحلت الرُبى، والربى أجود كلأ، فمُثّل حال الشعراء بحال الإبل الراعية في الأودية متحيرة، لأن الشعراء في حرص على القول لاختلاب النفوس.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُون} فليس لهم قاعدة ينطلقون منها، ولا موقع ثابت يقفون عليه، ولا أفق واحد يتطلّعون إليه، فهم يتحركون مع الرياح القادمة من هنا وهناك، أمَّا الرسول، فإنه ينطلق من موقع الحق الذي لا يتغيَّر، مهما تغيرت الرياح، فهو يعمل على أن يصنع الرياح في اتجاه فكره بدلاً من أن يحركه في اتجاه حركة الريح من حوله.