تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِينَ} (31)

{ قُلْ } لهم جوابا لهذا الكلام السخيف : { تَرَبَّصُوا } أي : انتظروا بي الموت ،

{ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ } نتربص بكم ، أن يصيبكم الله بعذاب من عنده ، أو بأيدينا ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِينَ} (31)

ثم أخذت السورة الكريمة فى تقريع هؤلاء الجاهلين بأسلوب استنكارى فيه ما فيه من التعجب من جهالاتهم . وفيه ما فيه من الرد الحكيم على أكاذيبهم ، فساقت أقاويلهم بهذا السلوب الذى تكرر فيه لفظ " أم " خمس عشرة مرة ، وكلها إلزامات ليس لهم عنها جواب . وبدأت بقوله - تعالى- : { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين } ، و " أم " فى هذه الآيات بمعنى بل والهمزة .

وقوله : { نَّتَرَبَّصُ } من التربص بمعنى الانتظار والترقب .

وقوله : { رَيْبَ المنون } يعنون به : حوادث الدهر التى تحدث له - صلى الله عليه وسلم - منها الموت . فالمنون : الدهر ، وريبه : حوادثه التى يصيبه بسببها الهلاك .

أى : بل أيقولون عنك - أيها الرسول الكريم - إنك شاعر ، وأنهم يترقبون موتك لكى يستريحوا منك . كما استراحوا من الشعراء الذين من قبلك ، كزهير والنابغة . . . قل لهم على سبيل التبكيت والتهديد : تربصوا وترقبوا موتى فإنى معكم من المنتظرين ، وستعلمون أينا خير مقاما وأحسن عاقبة .

قال الآلوسى : { نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون } أى : الدهر ، وهو فعول من المَنِّ بمعنى القطع ؛ لأنه يقطع الأعمال وغيرها ، ومنه حبل مَنِين أى : مقطوع ، والريب : مصدر رابه أذا أقلقه ، أريد به حوادث الدهر وصروفه ، لأنها تقلق النفوس ، وعبر عنها بالمصدر مبالغة . . . وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس ، تفسيره المنون بالموت .

روى أن قريشا اجتمعت فى دار الندوة ، وكثرت آراؤهم فيه - صلى الله عليه وسلم - حتى قال قائل منهم : تربصوا به ريب المنون ، فإنه شاعر سيهلك كما هلك زهير والنابغة والأعشى ، فافترقوا على هذه المقالة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِينَ} (31)

ومن ثم يلقن الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] أن يرد عليهم في تهديد ملفوف : ( قل : تربصوا . فإني معكم من المتربصين ) . . وستعلمون من تكون له العاقبة ، ومن ينتهي به التربص إلى النصر والظهور .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِينَ} (31)

{ قل تربصوا فإني معكم من المتربصين } أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكي .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قُلۡ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِينَ} (31)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل تربصوا} بمحمد الموت.

{فإني معكم من المتربصين} بكم العذاب، فقتلهم الله ببدر...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"قُلْ تَرَبّصُوا "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يقولون لك: إنك شاعر نتربص بك ريب المنون، تربصوا: أي انتظروا وتمهَّلوا فيّ ريب المنون، فإني معكم من المتربصين بكم، حتى يأتي أمر الله فيكم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{قل تربّصوا فإني معكم من المتربّصين} أي تربّصوا ذلك فإني متربّصٌ ذلك بكم؛ فكانوا جميعا أو عامتهم، أعني الذين قالوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه {شاعر نتربّص به ريب المنون} أُهلكوا قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلّ بهم ما ظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"قل" لهم يا محمد: "تربصوا فاني معكم من المتربصين" فالتربص: هو الانتظار بالشيء انقلاب حال إلى خلافها. والمعنى: إنكم إن تربصتم بي حوادث الدهر والهلاك، فإني معكم من المنتظرين لمثل ذلك، فتربص الكفار بالنبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين قبيح، وتربص النبي والمؤمنين بالكفار وتوقعهم لهلاكهم حسن، وقوله "فتربصوا" وإن كان بصيغة الأمر فالمراد به التهديد...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

والريب هنا: الحوادث والمصائب، لأنها تريب من نزلت به ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في أمر ابنته فاطمة حين ذكر أن علياً يتزوج بنت أبي جهل: «إنما فاطمة بضعة مني، يريبني ما أرابها»...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فإني معكم} وأكده تنبيهاً على أنه يرجو الفرح بمصيبتهم كما يرجون الفرح بمصيبته وإن كانت كثرتهم وقوتهم عندهم مانعة من مثل هذا التربص {من المتربصين} أي العريقين في التربص وإن ظننتم خلاف ذلك، وأشار بالمعية إلى أنه مساو لهم في ذلك وإن ظنوا لكثرتهم وقوتهم ووحدته وضعفه أن الأمر خلاف ذلك.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وتأكيد الخبر ب (إن) في قوله: {فإني معكم من المتربصين} لتنزيل المخاطبين منزلة من ينكر أنه يتربص بهم كما يتربصون به لأنهم لغرورهم اقتصروا على أنهم يتربصون به ليروا هلاكه...

والأمر في {تربصوا} مستعمل في التسوية، أي سواء عندي تربصكم بي وعدمه... {فإني معكم من المتربصين} أي فإني متربص بكم مثل ما تتربصون بي إذ لا ندري أينا يصيبه ريب المنون قبل...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{قُلْ تَرَبَّصُواْ فَإِنّي مَعَكُمْ مّنَ الْمُتَرَبّصِينَ} لأن الانتظار لن يوصلكم إلى ما تريدون، ذلك أن الرسالة ستفرض نفسها على الواقع...

لأنها وحي الله الذي يرعى رسالاته، بما يرعى به الوجود كله، وهذا هو الفرق بين انتظار الرسول وانتظار خصومه، فهم ينتظرون موت الرسول لانتهاء الرسالة لأنهم يربطونها بحياته كشخص في تفكيرهم، أمّا الرسول، فينتظر انتصار رسالته، ويترقب انفتاح قلوبهم على الحق من حيث يريدون أو لا يريدون، كما ينتظر عذاب الله الذي يحل بهم في الدنيا والآخرة إذا أصرّوا على شركهم وانحرافهم. ومن هنا كان الرسول هو الأقوى في التربص، بينما كانوا في موقف الضعف..