السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُلۡ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِينَ} (31)

ثم إنه تعالى أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله : { قل } أي : لهؤلاء البعداء { تربصوا } أي انتظروا بي الموت ولم يعرج على محاججتهم في قولهم هذا تنبيهاً على أنه من السقوط بمنزلة ما لا يحتاج معه إلى ردّ بمجادلة ، ثم سبب عن أمره لهم بالتربص قوله : { فإني معكم من المتربصين } أي : العريقين في التربص وإن ظننتم خلاف ذلك وأكده تنبيهاً على أنه يرجو الفرج بمصيبتهم كما يرجون الفرج بمصيبته ، وأشار بالمعية إلى أنه مساوٍ لهم في ذلك وإن ظنوا لكثرتهم وقوّتهم ووحدته وضعفه أن الأمر بخلاف ذلك .

قال القشيري : جاء في التفسير أنّ جميعهم أي الذين تربصوا به ماتوا قال ولا ينبغي لأحد أن يؤمل نفاق سوقه بموت أحد لتنتهي النوبة إليه فقلّ من تكون هذه صفاته إلا وسبقته المنية ولا يدرك ما تمناه من الأمنية .

فإن قيل : هذا أمر للنبيّ صلى الله عليه وسلم ولفظ الأمر يوجب المأمور به أو يبيحه ويجوّزه وتربصهم كان حراماً . أجيب : بأنّ ذلك ليس بأمر وإنما هو تهديد أي تربصوا ذلك فإني متربص الهلاك بكم كقول الغضبان لعبده افعل ما شئت فإني لست عنك بغافل .