اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ تَرَبَّصُواْ فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ ٱلۡمُتَرَبِّصِينَ} (31)

قوله : «قُلْ تَرَبَّصُوا » أي انتظروا بي الموت .

فإن قيل : هذا أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم{[53225]} - ولفظ الأمر يوجب المأمور به أو يُبِيحُه ويجوزه وتربصتم{[53226]} كان حراماً .

فالجواب : ليس ذلك بأمر وإنما هو تهديد أي تربصوا فإني متربصٌ الهلاك بكم كقول الغَضْبَانِ لعبده : افْعَلْ مَا شِئْتَ فإني لَسْتُ عَنْكَ بغافلٍ .

فإن قيل : لو كان كذلك لقال : تَرَبَّصوا أو لا تَتَرَبَّصُوا كما قال : { اصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُوا } .

فالجواب : ليس كذلك ، لأن ذلك يفيد عدم الخوف أكثر{[53227]} .

قوله : { فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربّصين } أي أتربصُ هَلاَكَكُمْ ، وقد أهلكوا يوم بدر وغيره من الأيَّام . قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يكون معناه إذا قلنا : ( إن ) {[53228]} ريب المنون صروفُ الدهر فمعناه إنكار كَوْن صروف الدهر مؤثرة فكأنه يقول : أَنَا مِنَ المتربِّصين حتى أُبْصِرَ ماذا يأتي به الذي تجعلونه مهلكاً وماذا يُصِيْبُني منه .


[53225]:في ب –عليه الصلاة والسلام-.
[53226]:في ب وهو الأقرب تربصهم.
[53227]:وانظر المعني أعلى في تفسير البغوي والخازن 6/252 وهذان القيلان وجوابهما في تفسير الرازي 28/255 و256.
[53228]:سقط من ب.