ثم بين - سبحانه - ما قاله لموسى على سبيل الإِرشاد إلى أحكم وأفضل وسائل الدعوة إلى الحق فقال : { فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أَن تزكى . وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فتخشى } .
والمقصود بالاستفهام هنا : الحض والترغيب فى الاستجابة للحق ، كما تقول لمن تنصحه : هل كل فى كذا ، والجار والمجرور " لك " خب لمبتدأ محذوف ، أى : هل كل رغبة فى التزكية .
أى : اذهب يا موسى إلى فرعون ، فقل له على سبيل النصح الحكيم ، والإِرشاد البليغ : هل لك يا فرعون رغبة فى أن أدلك على ما يزكيك ويطهرك من الرجس والفسوق والعصيان .
وهل لك رغبة - أيضا - فى أن أرشدك إلى الطريق الذى يوصلك إلى رضى ربك ، فيترتب على وصولك إلى الطريق السوى ، الخشية منه - تعالى - والمعرفة التامة بجلاله وسلطانه .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يقول: هل لك أن تصلح ما قد أفسدت، يقول: وأدعوك لتوحيد الله...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
فقل له: هل لك إلى أن تتطهّر من دنس الكفر، وتؤمن بربك؟...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي هل لك في إجابة من إذا أجبت تزكيت؟ أو هل لك رغبة إلى ما تزكو به نفسك، وتنمو؟ ثم في هذه الآية دلالة أن من أراد أن يدعو آخر إلى ما فيه رشده وصلاحه، فالواجب عليه أن يدعوه أولا بالرفق واللين كما أمر به موسى وهارون عليهم السلام بقوله: {فقولا له قولا لينا} [طه: 44] وبقوله: {هل لك إلى أن تزكى} ثم إذا ترك الإجابة ختم كلامه بالتعنيف كما فعل موسى عليه السلام بقوله: {وإني لأظنك يا فرعون مثبورا} [الإسراء: 102] بعد قوله: {لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر} [الإسراء: 102]...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
أي ادعه إلى الله وطريق الجنة، و (قل) على وجه التلطف في الكلام (هل لك إلى أن تزكى) وتطهر من المعاصي، فالتزكي: طلب الطالب أن يصير زاكيا... والزاكي النامي في الخير، والزكاء: النماء في الخير، ولو نمى في الشر لم يكن زاكيا...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
والتزكي هو التطهر من النقائص، والتلبس بالفضائل، وفسر بعضهم: {تزكى} بتسلم وفسرها بقول: لا إله إلا الله، وهذا تخصيص وما ذكرناه يعم جميع هذا...
... وهذه الكلمة جامعة لكل ما يدعوه إليه، لأن المراد هل لك إلى أن تفعل ما تصير به زاكيا عن كل مالا ينبغي، وذلك بجمع كل ما يتصل بالتوحيد والشرائع...
أنه لما قال لهما: {فقولا له قولا لينا} فكأنه تعالى رتب لهما ذلك الكلام اللين الرقيق، وهذا يدل على أنه لا بد في الدعوة إلى الله من اللين والرفق وترك الغلظة، ولهذا قال لمحمد صلى الله عليه وسلم: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} ويدل على أن الذين يخاشنون الناس ويبالغون في التعصب، كأنهم على ضد ما أمر الله به أنبياءه ورسله...
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
لطف في الاستدعاء لأن كل عاقل يجيب مثل هذا السؤال بنعم،...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{هل لك} أي ميل وحاجة {إلى أن تزكّى} أي تتحلى بالفضائل، وتتطهر من الرذائل، ولو بأدنى أنواع التزكي: الطهارة الظاهرة و الباطنة الموجبة للنماء والكثرة، وإفهام الأدنى بما يشير إليه إسقاط تاء التفعل المقتضي للتخفيف، وذلك بالإذعان المقتضي للإيمان وإرسال بني إسرائيل...
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
أي: هل لك في خصلة حميدة، ومحمدة جميلة، يتنافس فيها أولو الألباب، وهي أن تزكي نفسك وتطهرها من دنس الكفر والطغيان، إلى الإيمان والعمل الصالح؟...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم يعلمه الله كيف يخاطب الطاغية بأحب أسلوب وأشده جاذبية للقلوب، لعله ينتهي، ويتقي غضب الله وأخذه: (فقل: هل لك إلى أن تزكى؟).. هل لك إلى أن تتطهر من رجس الطغيان ودنس العصيان؟...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
عرْض وترغيب... وقوله: {هل لك} تركيب جرى مجرى المثل فلا يغير عن هذا التركيب لأنه قصد به الإِيجاز يقال: هل لك إلى كذا؟ وهل لك في كذا؟ وهو كلام يقصد منه العرض بقول الرجل لضيفه: هل لك أن تنزل؟... و {لك} خبر مبتدأ محذوف تقديره: هل لك رغبة في كذا؟ فحُذف (رغبة) واكتفي بدلالة حرف (في) عليه، وقالوا: هل لك إلى كذا؟ على تقدير: هل لك مَيل؟ فحذف (مَيل) لدلالة (إلى) عليه...والمعنى: حَثُّهُ على أن يستعد لتخليص نفسه من العقيدة الضالة التي هي خبث مجازي في النفس فيقبَلَ إرشاد من يرشده إلى ما به زيادة الخير فإن فعل المطاوعة يؤذن بفعل فَاعِل يعالج نفسه ويروضها إذ كان لم يهتد أن يزكي نفسه بنفسه. ولذلك أعقبه بعطف {وأهديك إلى ربك فتخشى}...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.