مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَقُلۡ هَل لَّكَ إِلَىٰٓ أَن تَزَكَّىٰ} (18)

{ فقل هل لك إلى أن تزكى }

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : يقال هل لك في كذا ، وهل لك إلى كذا ، كما تقول : هل ترغب فيه ، وهل ترغب إليه ، قال الواحدي : المبتدأ محذوف في اللفظ مراد في المعنى ، والتقدير : هل لك إلى تزكى حاجة أو إربه ، قال الشاعر :

فهل لكم فيها إلي فإنني *** بصير بما أعيا النطاسي حذيما

ويحتمل أن يكون التقدير : هل لك سبيل إلى أن تزكى .

المسألة الثانية : الزكي الطاهر من العيوب كلها ، قال : { أقتلت نفسا زكية } وقال : { قد أفلح من زكاها } وهذه الكلمة جامعة لكل ما يدعوه إليه ، لأن المراد هل لك إلى أن تفعل ما تصير به زاكيا عن كل مالا ينبغي ، وذلك بجمع كل ما يتصل بالتوحيد والشرائع .

المسألة الثالثة : فيه قراءتان : التشديد على إدغام تاء التفعل في الزاي لتقاربهما والتخفيف .

المسألة الرابعة : المعتزلة تمسكوا به في إبطال كون الله تعالى خالقا لفعل العبد بهذه الآية ، فإن هذا استفهام على سبيل التقرير ، أي لك سبيل إلى أن تزكى ، ولو كان ذلك بفعل الله تعالى لانقلب الكلام على موسى ، والجواب عن أمثاله تقدم .

المسألة الخامسة : أنه لما قال لهما : { فقولا له قولا لينا } فكأنه تعالى رتب لهما ذلك الكلام اللين الرقيق ، وهذا يدل على أنه لا بد في الدعوة إلى الله من اللين والرفق وترك الغلظة ، ولهذا قال لمحمد صلى الله عليه وسلم : { ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } ويدل على أن الذين يخاشنون الناس ويبالغون في التعصب ، كأنهم على ضد ما أمر الله به أنبياءه ورسله .