التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

{ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أى أو يهلكهن ويغرقهن بسبب ما اكتسبه الراكبون فى هذه السفن من ذنوب وخطايا .

يقال : أوبق فلان فلانا إذا حبسه أو أهلكه . ووبق فلان - كوعد ووجل ، وبوقا إذا هلك .

وهو معطوف على قوله " يسكن " وكذلك قوله " ويعفو " .

أى : إن يشأ - سبحانه - يسكن الريح فتظل السفن ساكنة على ظهر البحر ، أو إن يشأ يرسل الريح عاصفة بتلك السفن بمن فيها ، أو إن يشأ ينج ناسا بالعفو عنهم .

قال صاحب الكشاف : " يوبقهن " يهلكهن . والمعنى : أنه إن يشأ يبتلى المسافرون فى البحر بإحدى بليتين : إما أن يسكن الريح فيركد الجوارى على ظهر البحر ، ويمنعهن من الجرى ، وإما أن يرسل الريح عاصفة فيهلكن إراقا بسبب ما كسبوا من الذنوب { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } منها .

فإن قلت : علام عطف " يوبقهن " قلت : على " يسكن " لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فيركدن ، أو يعصفها فيغرقن بعصفها .

فإن قلت : فما معنى إدخال فى حكم الإِيباق حيث جزم جزمه ؟ قلت : معناه : أو إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم .

فإن قلت : فمن قرأ " ويعفو " ؟ قلت : قد استأنف الكلام .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

( أو يوبقهن بما كسبوا ) . .

فيحطمهن أو يغرقهن بما كسب الناس من ذنب ومعصية ومخالفة عن الإيمان الذي تدين به الخلائق كلها ، فيما عدا بعض بني الإنسان !

( ويعف عن كثير ) . .

فلا يؤاخذ الناس بكل ما يصدر منهم من آثام ، بل يسمح ويعفو ويتجاوز منها عن كثير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

وقوله : { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أي : ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون عليها{[25908]} { وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ } أي : من ذنوبهم . ولو أخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب البحر{[25909]} .

وقال بعض علماء التفسير : معنى قوله : { أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا } أي : لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية ، فأخذت السفن وأحالتها {[25910]} عن سيرها المستقيم ، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال ، آبقة لا تسير على طريق ، ولا إلى جهة مقصد .

وهذا القول هو يتضمن هلاكها ، وهو مناسب للأول{[25911]} ، وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت ، أو لقواه فشردت وأبقت وهلكت . ولكن من لطفه{[25912]} ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة ، كما يرسل المطر بقدر الكفاية ، ولو أنزله كثيرا جدا لهدم البنيان ، أو قليلا لما أنبت الزرع {[25913]} والثمار ، حتى إنه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحا من أرض أخرى غيرها{[25914]} ؛ لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ، ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم ، وأسقط جدرانهم .


[25908]:- (4) في ت، م، أ: "فيها".
[25909]:- (5) في م: "كل من يركب في البحر"، وفي أ: "كل من يركب البحر".
[25910]:- (6) في ت، أ: "فأجالتها"ن وفي م: "فاجتالتها".
[25911]:- (1) في ت، أ: "للقول الأول".
[25912]:- (2) في أ: "لطف الله".
[25913]:- (3) في ت، م: "الزروع".
[25914]:- (4) في أ: "عليها".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوۡ يُوبِقۡهُنَّ بِمَا كَسَبُواْ وَيَعۡفُ عَن كَثِيرٖ} (34)

أوبقت الرجل إذا أنشبته في أمر يهلك فيه ، فالإيباق في السفن هو تغريقها ، والضمير في : { كسبوا } هو لركابها من البشر ، أي بذنوب البشر . ثم ذكر تعالى ثانية : { ويعف عن كثير } مبالغة وإيضاحاً .