تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ} (39)

{ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } من الذم لك والتكذيب بما جئت به ، واشتغل عنهم واله بطاعة ربك وتسبيحه ، أول النهار وآخره ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ} (39)

والفاء فى قوله : { فاصبر على مَا يَقُولُونَ } فصيحة . أى : إذا كان الحال كما بينا لك يا محمد ، فاصبر على ما يقوله هؤلاء الضالون المكذبون من أقوال لا يؤيدها عقل أو نقل .

وقوله : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب } إرشاد له - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يعينه على الصبر .

أى : اصبر - أيها الرسول الكريم - على أقوال هؤلاء الكافرين ، ونزه ربك - تعالى - عن كل مالا يليق به ، وتقرب إليه بالعبادات والطاعات { قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب } وهما وقتا الفجر والعصر .

وخصهما - سبحانه - بالذكر لفضلهما وشرفهما .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ} (39)

وعقب عليها كذلك بإيحاء جديد وظل جديد :

فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب . ومن الليل فسبحه وأدبار السجود . .

وطلوع الشمس وغروبها ومشهد الليل الذي يعقب الغروب . . كلها ظواهر مرتبطة بالسماوات والأرض . وهو يربط إليها التسبيح والحمد والسجود . ويتحدث في ظلالها عن الصبر على ما يقولون من إنكار للبعث وجحود بقدرة الله على الإحياء والإعادة . فإذا جو جديد يحيط بتلك اللمسة المكررة . جو الصبر والحمد والتسبيح والسجود . موصولا كل ذلك بصفحة الكون وظواهر الوجود ، تثور في الحس كلما نظر إلى السماوات والأرض ؛ وكلما رأى مطلع الشمس ، أو مقدم الليل ؛ وكلما سجد لله في شروق أو غروب . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ} (39)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللّيْلِ فَسَبّحْهُ وَأَدْبَارَ السّجُودِ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فاصبر يا محمد على ما يقول هؤلاء اليهود ، وما يفترون على الله ، ويكذبون عليه ، فإن الله لهم بالمِرصاد وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ يقول : وصلّ بحمد ربك صلاة الصبح قبل طلوع الشمس وصلاة العصر قبل الغروب . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ لصلاة الفجر ، وقبل غروبها : العصر .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قبلَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ قبل طلوع الشمس : الصبح ، وقبل الغروب : العصر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ} (39)

{ فاصبر على مَا يَقُولُونَ } .

تفريع على ما تقدم كله من قوله : { بل عجبوا أن جاءهم منذر } [ ق : 2 ] الآيات ، ومناسبة وقعه هذا الموقع ما تضمنه قوله : { وكم أهلكنا قبلهم من قرن } [ مريم : 74 ] الآية من التعريض بتسلية النبي صلى الله عليه وسلم أي فاصبر على ما يقول المشركون من التكذيب بما أخبرتهم من البعث وبالرسالة وقد جمع ذلك كله الموصول وهو { ما يقولون } .

وضمير { يقولون } عائد إلى المشركين الذين هم المقصود من هذه المواعظ والنذر ابتداء من قوله : { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم } .

{ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب } .

عطف على { فاصبر على ما يقولون } فهو من تمام التفريع ، أي اصبر على أقوال أذَاهُمْ وسخريتهم . ولعلّ وجه هذا العطف أن المشركين كانوا يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا قاموا إلى الصلاة مثل قصة إلقاء عقبةَ بن أبي مُعيط سلا الجزور على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم حين سجد في المسجد الحرام في حجر الكعبة فأقبل عقبة بن أبي مُعيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً ، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال : { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله } [ غافر : 28 ] الآية . وقال تعالى : { أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى إلى قوله : { كلالا تطعه واسجد واقترب } [ العلق : 9 19 ] .

فالمراد بالتسبيح : الصلاة وهو من أسماء الصلاة . قال ابن عطية : أجمع المتأولون على أن التسبيح هنا الصلاة . قلت : ولذلك صار فعل التسبيح منزلاً منزلة اللازم لأنه في معنى : صَلّ . والباء في { بحمد ربك } يرجح كون المراد بالتسبيح الصلاة لأن الصلاة تقرأ في كل ركعة منها الفاتحة وهي حمد لله تعالى ، فالباء للملابسة .

واختلف المفسرون في المراد بالصلاة من قوله : { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود } ففي « صحيح مسلم » عن جرير بن عبد الله : " كُنَّا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر فقال : إنكم سَتَرَوْنَ ربَّكم كما ترون هذا القمر لا تُضامُون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تُغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها " يعني بذلك العصر والفجر . ثم قرأ جرير { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } كذا . والقراءة { الغروب } . وعن ابن عباس : قبل الغروب : الظهر والعصر . وعن قتادة : العصر .