تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ} (39)

الآية 39 وقوله تعالى : { فاصبر على ما يقولون } أي فاصبر على ما يقولون فيك : إنك ساحر وشاعر ومجنون ونحوه ؛ فأمره بالصبر على ذلك وألاّ يدعو عليهم بالهلاك .

ويحتمل : { فاصبر على ما يقولون } في الله من معاني الخلق ، ولا تُحاربهم ولا تقاتلهم ، ولا تدع عليهم بالهلاك . ولكن اصبر فإن الله تعالى ينتقم لك .

وإنما أمره بالصبر لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سريع الغضب لله تعالى بما عاين من المناكير ، وسمع ، وكذلك جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام لذلك أمره بالصبر على ما يقولون في الله أو فيه .

وقوله عز وجل : { وسبّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } قيل : { بحمد ربك } أي بالثناء على ربك أي أثن عليه بما هو أهله وما يليق به .

وأهل التأويل يُفسّرون التسبيح في هذا الموضع وفي غيره من المواضع بالصلاة ؛ فمعنى قوله تعالى : { وسبّح بحمد ربك } أي صلّ بأمر ربك . وإنما صرفوا التسبيح إلى الصلاة لأن الصلاة من أوّلها إلى آخرها وصف الرّب تعالى بالتعظيم والتنزيه والبراءة من كل عيب قولا وفعلا ، ولأنه لما [ قال المرء ]{[19836]} إلى الصلاة فقد فارق جميع الخلائق بما هم فيه ، وكذلك إذا جثا{[19837]} للركوع والسجود فقد{[19838]} فارق جميع الخلائق في ما هم فيه من الأمور ، واعتزلهم ، واشتغل بمناجاة ربه ، جل ، وعلا ، فجائز أن تكون تسميتُهم التسبيح صلاة لهذا .

ويحتمل أن سمّوه صلاة لما أن في الصلاة تسبيحا .

وقوله تعالى : { قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } قال بعضهم : قبل صلاة الفجر وقبل غروبها . وقال بعضهم : صلاة العصر . وقال بعضهم : صلاة العصر والظهر لأنهما جميعا قبل غروب الشمس .


[19836]:في الأصل وم قال.
[19837]:في للأصل وم: جئنا.
[19838]:في الأصل: و، ساقطة من م.