ورد الملأ من قوم فرعون عليه بقولهم : { أَرْجِهْ وَأَخَاهُ } أى : أخر أمرهما ، يقال : أرجأت هذا الأمر وأرجيته . إذا أخرته . ومنه أخذ لفظ المرجئة لتلك الفرقة التى تؤخر العمل وتقول : لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة .
{ وابعث فِي المدآئن حَاشِرِينَ } أى : وابعث فى مدن مملكتك رجالا من شرطتك يحشرون السحرة ، أى : يجمعونهم عندك لتختار منهم من تشاء .
وأشار عليه الملأ ؛ وقد خدعتهم مكيدته ، وهم شركاء فرعون في باطله ، وأصحاب المصلحة في بقاء الأوضاع التي تجعلهم حاشية مقربة ذات نفوذ وسلطان ؛ وقد خافوا أن يغلبهم موسى وبنو إسرائيل على أرضهم لو اتبعتهم الجماهير ، حين ترى معجزتي موسى وتسمع إلى ما يقول . . أشاروا عليه أن يلقى سحره بسحر مثله ، بعد التهيئة والاستعداد :
( قالوا : أرجه وأخاه . وابعث في المدائن حاشرين ، يأتوك بكل سحار عليم ) . .
أي أمهله وأخاه إلى أجل ؛ وابعث رسلك إلى مدائن مصر الكبرى ، يجمعون السحرة المهرة ، لإقامة مباراة للسحر بينهم وبينه .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنّ هََذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ * قَالُوَاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلّ سَحّارٍ عَلِيمٍ } .
يقول تعالى ذكره : قال فرعون لما أراه موسى من عظيم قدرة الله وسلطانه حجة عليه لموسى بحقيقة ما دعاه إليه ، وصدق ما أتاه به من عند ربه للْمَلإِ حَوْلَه يعني لأشراف قومه الذين كانوا حوله : إنّ هَذَا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يقول : إن موسى سحر عصاه حتى أراكموها ثعبانا عَلِيمٌ ، يقول : ذو علم بالسحر وبصر به يُرِيدُ أنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ يقول : يريد أن يخرج بني إسرائيل من أرضكم إلى الشأم بقهره إياكم بالسحر . وإنما قال : يريد أن يخرجكم فجعل الخطاب للملإ حوله من القبط ، والمعنيّ به بنو إسرائيل ، لأن القبط كان قد استعبدوا بني إسرائيل ، واتخذوهم خدما لأنفسهم ومُهّانا ، فلذلك قال لهم : يُرِيدُ أنْ يُخْرِجَكُمْ وهو يريد : أن يخرج خدمكم وعبيدكم من أرض مصر إلى الشأم .
وإنما قلت معنى ذلك كذلك ، لأن الله إنما أرسل موسى إلى فرعون يأمره بإرسال بني إسرائيل معه ، فقال له ولأخيه فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إنّا رَسُولُ رَبّ العالَمِينَ أنْ أرْسِلْ مَعَنا بَني إسْرائِيلَ .
وقوله : فَمَاذَا تَأْمُرُونَ يقول : فأيّ شيء تأمرون في أمر موسى وما به تشيرون من الرأي فيه ؟ قالُوا أَرْجِهْ وأخاهُ ، وَابْعَثْ في المَدَائِنِ حاشِرِينَ يقول تعالى ذكره : فأجاب فرعون الملأ حوله بأن قالوا له : أخّر موسى وأخاه وأنِظره ، وابعث في بلادك وأمصار مصر حاشرين يحشرون إليك كل سحّار عليم بالسحر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.