{ وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ ( 44 ) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( 45 ) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ( 46 ) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ( 47 ) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ( 48 ) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ( 49 ) } .
كِسفا : قطعة من السماء تسقط عليهم .
سحاب مركوم : هذا سحاب تراكم بعضه على بعض ، نرتوي به ، ثم لا يؤمنون .
44- { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ } .
إنهم أهل كِبر وعناد ، سبق أن قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم مثل ما قاله قوم شعيب : { فأسقط علينا كِسَفا من السماء إن كنت من الصادقين } . ( الشعراء : 4187 ) .
وقد حكى القرآن عن أهل مكة : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء . . . } ( الأنفال : 32 )
وهنا يقول القرآن : إن أنزلنا عليهم قطعة من النيران لتقتلهم أو تهددهم لما اعتبروا ، وظنوا أنها سحاب تراكم بعضه فوق بعض ، ثم نزل بهم ليتحول إلى مياه ، تسقي زروعهم وثمارهم .
وقد حدث مثل ذلك لقبيلة عاد ، قوم نبي الله هود ، حينما رأوا سحابة في السماء تتجه إليهم ، ففرحوا وتوقعوا المطر ، ثم اكتشفوا أنها ريح الدبور ، سلطها الله عليهم لإهلاكهم ، وتدمير منازلهم ، وإنزال العذاب بهم .
قال تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ *تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } . ( الأحقاف : 24-25 )
قوله تعالى : " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا " قال ذلك جوابا لقولهم : " فأسقط علينا كسفا من السماء{[14321]} " [ الشعراء : 187 ] ، وقولهم : " أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا " [ الإسراء : 92 ] فأعلم أنه لو فعل ذلك لقالوا " سحاب مركوم " أي بعضه فوق بعض سقط علينا وليس سماء ، وهذا فعل المعاند أو فعل من استولى عليه التقليد ، وكان في المشركين القسمان . والكسف جمع كسفة وهي القطعة من الشيء ، يقال : أعطني كسفة من ثوبك ، ويقال في جمعها أيضا : كسف . ويقال : الكسف والكسفة واحد . وقال الأخفش : من قرأ كسفا جعله واحدا ، ومن قرأ " كسفا " جعله جمعا . وقد تقدم القول في هذا في " الإسراء{[14322]} " وغيرها والحمد لله .
ولما كان التقدير تسكيناً لقلب من يريد إجابتهم إلى الآيات المقترحات طمعاً في إيمانهم : فلقد تلونا عليهم في هذه السورة وغيرها من الآيات ، وخلونا من المعجزات البينات ، وأتينا من تناقضهم في هذه التقسيمات ، بما يهد الجبال الشامخات ، وبينا من فضائحهم{[61637]} بحسن سوقها وحلاوة ذوقها ، وصحة معانيها وإحكام مبانيها ، ما يزلزل الراسيات ، ويحل العزمات ، ويفرج الأزمات ، ويصد ذوي المروات عن أمثال هذه النقائص الفاضحات ، لما لها من الأدلة الواضحات ، ولكنهم لما ألزمناهم به من العكس لا يؤمنون ، وكدناهم بما{[61638]} أعمينا من بصائرهم فهم لا يعلمون أنهم المكيدون ، عطف عليه قوله : { وإن يروا } أي معاينة { كسفاً } قطعة ، وقيل : قطعاً واحدتها كسفة مثل سدرة وسدر { من السماء } نهاراً جهاراً { ساقطاً يقولوا } لدداً وتجلداً في البغي إصراراً ، وتعلقهم بما أمكنهم من الشبه تخييلاً على العقول وإيقافاً لذوي الآراء والفهوم دأب الأصيل في نصر الباطل ومكابرة الحق لما لهم من العراقة في عمى القلوب بما لنا من القدرة على صرفهم عن وجوه الأمر : هذا { سحاب } فإن قيل لهم : هو مخالف للسحاب بصلابته ، قالوا : { مركوم * } أي تراكم بعضه على بعض فتصلب ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.