{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ ( 20 ) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ( 21 ) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 22 ) }
يحادون : يعادون ويشاقّون ويخالفون ، فهم في حدّ ، والشرع والهدى في حد .
الأذلين : المغلوبين ، أذلّ خلق الله .
20- { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ }
إن الذين يعادون الله ورسوله ، فيكرهون دين الله ، ويعادون رسول الله ، ويبغضون شرع الله ، هؤلاء الكفار الملحدون ، أو المنافقون المارقون ، أو اليهود المعاندون ، أو كل قوة تشتمل على بغض دين الله ومعاداة هذا الدين ، هؤلاء يذلهم الله في الدنيا أشد الذل ، ويكتب عليهم القهر والمهانة والخيبة والهوان ، فإن أصابوا خيرا في الدنيا أو علوّا في الأرض ، فلن يفلتوا من عذاب الآخرة ومهانتها ، ليتحقق وعد الله بأنهم في الأذلين ، أي مجموعة من هو أشذّ ذلاّ وأكثر مهانة وهوانا .
وقد جاءت هذه الآية في أعقاب الحديث عن المنافقين وموالاتهم لليهود ، يبتغون الأمان والرفعة وحسن المستقبل ، فبين الله أن هناك حزبين أو طريقين : حزب الله أو طريق الله ، ومآله النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ، وحزب الشيطان أو طريق الشيطان ، وهو حزب أعداء الإسلام ، أو أتباع الشيطان ، وكيد هؤلاء ضعيف ، ومآلهم الذلّ والهوان .
ولما بين ما أوصلهم{[63484]} إليه نسيان الذكر من الخسار ، بين أنه أوقعهم في العداوة ، فقال معللاً الخسار {[63485]}والنسيان والتحزب{[63486]} ، وأكد تكذيباً{[63487]} لحالفهم على نفي ذلك مظهراً{[63488]} موضع الإضمار للتنبيه على الوصف الموقع في الهلاك :{ إن الذين يحادون } ولعل الإدغام لسترهم ذلك بالأيمان ، ويفهم منه الحكم على{[63489]} من جاهر بطريق الأولى { الله } أي يفعلون مع الملك الأعظم الذي لا كفوء له فعل من ينازع آخر في أرض فيغلب على طائفة منها{[63490]} فيجعل لها حداً لا يتعداه خصمه { ورسوله } الذي عظمته من عظتمه .
ولما كانوا لا يفعلون ذلك إلا لكثرة أعوانهم{[63491]} وأتباعهم ، فيظن من رآهم أنهم الأعزاء الذين لا أحد{[63492]} أعز منهم ، قال تعالى نفياً لهذا الغرور الظاهر :{ أولئك } أي الأباعد الأسافل { في الأذلين * } أي{[63493]} الذين يعرفون أنهم أذل{[63494]} الخلق بحيث يوصف كل منهم بأنه{[63495]} الأذل مطلقاً من غير مفضل عليه ليعم{[63496]} كل من{[63497]} يمكن منه ذل ، وذلك في الدنيا والآخرة سواء كانوا فارس والروم أو أعظم منهم سواء كانوا ملوكاً كفرة كانوا أو فسقة ، كما قال الحسن : إن للمعصية في قلوبهم لذلاً ، وإن طقطقت بهم اللجم .