تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يعني ولا يوثق كوثاق الله عز وجل . ...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قوله : "فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذّبُ عَذَابَهُ أحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أحَدٌ":.. فيومئذٍ لا يعذّب بعذاب الله أحد في الدنيا ، ولا يوثق كوثاقه يومئذٍ أحد في الدنيا ...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
فمن قرأهما على الخفض فهو يحتمل وجهين :
أحدهما : أن العذاب في الدنيا ، وإن اشتد من الملوك على الإنسان ، فهو لا يبلغ عذاب الله تعالى لأعدائه في الآخرة ، وإن خف .
الثاني : { لا يعذب عذابه أحد } أي لا ينبغي لأحد في الدنيا أن يعذب أحدا بعذاب الله تعالى ، وهو النار كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ( لا تعذبوا أحدا بعذاب الله ) ) ( البخاري 3017 ) ... فإن كان على النصب فهو يحتمل وجهين أيضا :
أحدهما : أن يكون التأويل منصرفا إلى صنف من الكفرة ، وهم الذين بلغوا في الكفر أعلى مرتبة ، فلا يعذب من دونهم بعذابهم .
والثاني : لا يعذب أحد مكان أحد كما يفعله ملوك الدنيا في أنهم يعذبون الوالد مكان الولد ، ويعذبون متصلي الذين استوجبوا العذاب .
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :
يعني بالوثاق الإسار والسلاسل والأغلال والمعنى لا يبلغ أحد من الخلق كبلاغ الله سبحانه في التعذيب والإيثاق...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
وليس أحد أشد قبضا ووثقا من الزبانية لمن كفر بربهم ، عز وجل ، هذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والذي يوثق وثاقه الفذ الذي لا يوثق مثله أحد . وعذاب الله ووثاقه يفصلهما القرآن في مواضع أخرى في مشاهد القيامة الكثيرة المنوعة في ثنايا القرآن كله ، ويجملهما هنا حيث يصفهما بالتفرد بلا شبيه من عذاب البشر ووثاقهم . أو من عذاب الخلق جميعا ووثاقهم . وذلك مقابل ما أسلف في السورة من طغيان الطغاة ممثلين في عاد وثمود وفرعون ، وإكثارهم من الفساد في الأرض ، مما يتضمن تعذيب الناس وربطهم بالقيود والأغلال . ...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والوَثاق بفتح الواو اسم مصدر أوثق وهو الربْط ويجعل للأسير والمقُود إلى القتل . فيجعل لأهل النار وثاق يساقون به إلى النار قال تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم } [ غافر : 71 ، 72 ]...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
وتكمل الآية التالية تصوير شدّة العذاب : ( ولا يوثق وثاقه أحد ) . فوثاقه ليس كوثاق الآخرين ، وعذابه كذلك ، كلّ ذلك بما كسبت يداه حينما أوثق المظلومين في الدنيا بأشدّ الوثاق ، ومارس معهم التعذيب بكلّ وحشية ، متجرد عن كلّ ما وهبه اللّه من إنسانية . ...
قوله تعالى : " فيومئذ لا يعذب عذابه أحد " أي لا يعذب كعذاب اللّه أحد ، ولا يوثق كوثاقه أحد . والكناية ترجع إلى اللّه تعالى . وهو قول ابن عباس والحسن . وقرأ الكسائي " لا يعذب " " ولا يوثق " بفتح الذال والثاء ، أي لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب اللّه الكافر يومئذ ، ولا يوثق كما يوثق الكافر . والمراد إبليس ؛ لأن الدليل قام على أنه أشد الناس عذابا ، لأجل إجرامه ، فأطلق الكلام لأجل ما صحبه من التفسير . وقيل : إنه أمية بن خلف . حكاه الفراء . يعني أنه لا يعذب كعذاب هذا الكافر المعين أحد ، ولا يوثق بالسلاسل والأغلال كوثاقه أحد ؛ لتناهيه في كفره وعناده . وقيل : أي لا يعذب مكانه أحد ، فلا يؤخذ منه فداء . والعذاب بمعنى التعذيب ، والوثاق بمعنى الإيثاق . ومنه قول الشاعر :
وبعد عطائك المائةَ الرِّتَاعَا{[16062]}
وقيل : لا يعذب أحد ليس بكافر عذاب الكافر . واختار أبو عبيد وأبو حاتم فتح الذال والثاء . وتكون الهاء ضمير الكافر ؛ لأن ذلك معروف : أنه لا يعذب أحد كعذاب اللّه . وقد روى أبو قلابة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قرأ بفتح الذال والثاء . وروي أن أبا عمرو رجع إلى قراءة النبي صلى اللّه عليه وسلم . وقال أبو علي : يجوز أن يكون الضمير للكافر على قراءه الجماعة ، أي لا يعذب أحد أحدا مثل تعذيب هذا الكافر ، فتكون الهاء للكافر . والمراد ب " أحد " الملائكة الذين يتولون تعذيب أهل النار .
ولما جرت العادة بأن المعذب يستوثق منه بسجن أو غيره ، ويمنع من كل شيء يمكن أن يقتل به نفسه ، خوفاً من أن يهرب أو يهلك نفسه قال : { ولا يوثق } أي يوجد { وثاقه } أي مثل وثاقه فكيف بإيثاقه { أحد * } والمعنى أنه لا يقع في خيال أحد لأجل انقطاع الأنساب والأسباب أن أحداً يقدر على مثل ما يقدر عليه سبحانه وتعالى من الضر ليخشى كما يقع في هذه الدنيا ، بل يقع في الدنيا في أوهام كثيرة أن عذاب من يخشونه أعظم من عذاب الله - وأن عذاب الدنيا بأسره لو اجتمع على إنسان وحده لا يساوي رؤية جهنم بذلك المقام في ذلك المحفل المهول دون دخولها - ولذلك تقدم خوفه على الخوف من الله ، وبنى الكسائي ويعقوب الفعلين للمفعول ، والمعنى على قراءة الجماعة ببنائها للفاعل : لا يعذب أحد عذاباً مثل عذاب الله أي لا يعذب أحد غير الله أحداً من الخلق مثل عذاب الله له ، والحاصل أنه لا يخاف في القيامة من أحد غير الله ، فإنه ثبت بهذا الكلام أن عذابه لا مثل له ، ولم يذكر المعذب من هو فيرجع الأمر إلى أن المعنى : فيومئذ يخاف الإنسان من الله خوفاً لا مثل له ، أي لا يخاف من أحد مثل خوفه منه سبحانه وتعالى ، ويجوز أن يكون الضمير في " عذابه " للإنسان ، أي لا يعذب أحد من الزبانية أحداً غير الإنسان مثل عذابه ، وفي المبني للمفعول : لا يعذب عذاب الإنسان أحد لكن يبعده أنه يلزم عليه أن يكون عذاب الإنسان أعظم من عذاب إبليس - ويجوز أن يكون المعنى : إنه لا يحمل أحد ما يستحقه من العذاب كقوله تعالى : ولا تزر وازرة وزر أخرى }[ الأنعام : 164 ] .