تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَآءِ ٱلۡجَحِيمِ} (55)

50

المفردات :

في سواء الجحيم : وسط النار ، وسمي الوسط سواء ، لاستواء المسافة منه إلى الجوانب .

التفسير :

55- { فاطلع فرآه في سواء الجحيم } .

أي : اطلع المؤمن على أهل النار ، فرأى قرينه في وسط جهنم .

قال الآلوسي :

واطلاع أهل الجنة على أهل النار ، ومعرفة من فيها ، مع ما بينهما من التباعد غير بعيد ، بأن يخلق الله تعالى فيهم حدّة النظر ، ويعرّفهم من أرادوا الاطلاع عليه ، ولعلهم – إذا أرادوا ذلك – وقفوا على الأعراف . فاطلَّعوا على من أرادوا الاطلاع عليه من أهل النار ، وقيل : إن لهم طاقات في الجنة ، ينظرون منها من علوّ إلى أهل النار ، وعلم القائل بأن القرين من أهل النار ، لأنه كان منكرا للبعث {[547]} . أ ه


[547]:تفسير الآلوسي 23/92 ، وهذه الأقوال يمكن مناقشتها، فالأمر في الآخرة لا يقاس بمقياس الدنيا، إن الحديث عن أصحاب الجنة، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، فإذا اشتهى مؤمن من اهل الجنة أن يرى قرينه من أهل النار، فسيراه بقدره الله وتيسيره. وإذا كان من عِنْده علم من الكتاب قد استطاع إحضار عرش بلقيس في طرفة عين لنبي الله سليمان، واستطاع ذو القرنين بتيسير الله أن يصل إلى مشارق الأرض ومغاربها، واستطاع الهدهد أن يستكشف مملكة سبأ، وأن يوصّل خطاب سليمان إلى بلقيس، وكل هذا في الدنيا بتيسير الله وتوفيقه، والأمر في الآخرة ميسور أيّ ميسور، ولا يحتاج إلى إجهاد الآلوسي نفسه لتلمّس معرفة كيفية اطلاع مؤمن في الجنة على كافر في النار، يكفي أنه قول الله، والله على كل شيء قدير.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَآءِ ٱلۡجَحِيمِ} (55)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فاطّلَعَ فَرآهُ فِي سَوَاءِ الجَحِيمِ" يقول: فاطلع في النار فرآه في وَسَط الجحيم. وفي الكلام متروك استغني بدلالة الكلام عليه من ذكره، وهو فقالوا: نعم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

سمي {سواء} لاستواء المسافة منه إلى الجوانب، و {الجحيم} متراكم جمر النار.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

اطلاعهم إياه باعتبار التسبب، كأنه لما أراد الاطلاع وأحب أن لا يستبد به أدباً، عرض عليهم أن يطلعوا، فرغبوا وأطلعوا، فكان ذلك وسيلة إلى اطلاعه فكأنهم هم الذين أطلعوه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{فاطَّلعَ} اكتفاء، أي فاطّلع واطّلعوا فرآه ورأوه في سواء الجحيم إذ هو إنما عرض عليهم الاطّلاع ليعلموا تحقيق ما حدّثهم عن قرينه، واقتصر على ذكر اطلاعه هو دون ذكر اطلاع رفقائه لأنه ابتدأ بالاطّلاع ليميز قرينه فيريه لرفقائه

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱطَّلَعَ فَرَءَاهُ فِي سَوَآءِ ٱلۡجَحِيمِ} (55)

ولما كان المحدث عنه المخلصين ، وهم أهل الجنة كلهم أو جلهم ، وكان الضمير يعود لما سبقه بعينه ، وكان مخاطبو هذا القائل إنما هم شربه ، وكان من المعلوم مما مضى من التقابل والتواد والتواصل بالمنادمة والتساؤل أنهم ينتدبون ندبهم إليه ويقبلون قطعاً عليه ، وكان النافع لنا إنما هو قوله فقط في توبيخ عدوه وتغبيط نفسه ووليه ، لم يجمع الضمير لئلا يلبس فيوهم أنه للجميع ، وأعاده عليه وحده لنعتبر بمقاله ، ونتعظ بما قص علينا من حاله فقال : { فاطلع } أي بسبب ما رأى لنفسه في ذلك من عظيم اللذة ، إلى أهل النار { فرآه } أي ذلك القرين السوء { في سواء الجحيم * } أي في وسطها وغمرتها تضطرم عليه أشد اضطرام بما كان يضرم في قلبه في الدنيا من الحر كلما قال له ذلك المقال ، وسمي الوسط سواء لاستواء المسافة منه إلى الجوانب كمركز الدائرة ،